ابحث في الموقع

خطورة العبارات المتداولة في الاعلام على السلطة القضائية والوعي العام وعلى نظرية الدولة

خطورة العبارات المتداولة في الاعلام على السلطة القضائية والوعي العام وعلى نظرية الدولة
خطورة العبارات المتداولة في الاعلام على السلطة القضائية والوعي العام وعلى نظرية الدولة

بقلم: سالم حواس الساعدي - مستشار قانوني واعلامي تخصص دقيق عمليات وحرب نفسية

خطورة العبارات المتداولة في الإعلام على الوعي العام ونظرية الدولة مثل: “الحگوگ تريد حلوگ” أو “الحق يؤخذ ولا يُعطى”، وتأثيرها على وعي المواطن ونظام الدولة، مع تحليلهما من منظور نفسي وقانوني واجتماعي، وبيان مخالفتها لنظرية الدولة القانونية:

في خضم النقاشات الإعلامية اليومية، تنتشر عبارات مثل:

• “الحگوگ تريد حلوگ”

• “الحق يؤخذ ولا يُعطى”

ورغم ما قد تحمله هذه العبارات من شحنة وجدانية تُلامس مشاعر المظلومية والحرمان، فإنها تُعدّ خطابًا منحرفًا نفسيًا وقانونيًا وقضائيًا، يتناقض مع فلسفة الدولة الحديثة، ومبادئ سيادة القانون، ومرتكزات العدالة.

أولًا: التحليل النفسي لهذه العبارات:

من منظور علم النفس الاجتماعي، فإن تكرار هذه العبارات يعزز:

• ثقافة العنف الرمزي، حيث يُغرس في ذهن الفرد أن الحقوق لا تُسترد إلا بالقوة.

• نموذج “العقل الجمعي الغاضب”، الذي يرى أن الدولة لا تُنصف أحدًا إلا إذا “أرعبها أو أجبرها”.

• ضعف الإيمان بالمسارات القانونية، مما يؤدي إلى الاكتئاب الجمعي وفقدان الثقة بالمؤسسات.

تغذي هذه العبارات نزعة التمرد السلبي الذي يتحول إما إلى عنف شعبي أو سلبية قاتلة، وتضعف آليات ضبط النفس والانتظار القضائي.

ثانيًا: الموقف القانوني من هذه العبارات:

من وجهة نظر القانون:

• الحق لا يُكتسب بالقوة، بل بالبينات والإثبات وأحكام القضاء، وفقًا لقوانين الاثبات والمرافعات وغيرها من القوانين .

• “الحقوق تُؤخذ” تعني بواسطة القضاء لا عبر العصيان.

• أما “الحگوگ تريد حلوگ”، فتعني ضمنًا الاعتداء لأجل الانتصاف، وهو ما يجرّ إلى جرائم الاعتداء والإكراه، ويعرض صاحبها للعقوبات.

القانون العراقي يضع مسارات واضحة للتحصيل:

1. الترافع أمام المحاكم.

2. تقديم الأدلة والوثائق.

3. الاعتراض والاستئناف والتمييز وطرق الطعن الاخرى .

ثالثًا: الرؤية القضائية:

القضاء العراقي ينظر إلى هذه العبارات كنوع من:

• الإضرار العمدي بصورة الدولة.

• تشجيع على شريعة الغاب، حيث يغيب الاحتكام إلى المؤسسات القضائية.

• تحقير غير مباشر للقضاة باعتبارهم غير قادرين على إنصاف المظلومين.

وهذا يُعد تشويهًا ممنهجًا قد يندرج تحت:

• خطاب الكراهية ضد مؤسسات الدولة.

• تقويض ثقة المواطن بالقضاء.

• محاولة خلق فوضى دستورية وإعلامية.

رابعًا: تناقضها مع نظرية الدولة:

وفقًا لنظرية الدولة القانونية:

• الحق لا يُنتزع بالقوة (الك يبو ذراع الطويلة بالمفهوم الشعبي) بل يُكتسب وفقًا للنظام.

• الدولة هي الجهة الوحيدة التي تحتكر استخدام القوة تحت مظلة القانون.

• أي تجاوز على هذا الاحتكار يُعتبر خروجًا على العقد الاجتماعي والدستوري.

من هنا، فإن القول بأن “الحق لا يُعطى بل يُؤخذ” يعني نسف هذا العقد الاجتماعي، كما طالب به توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو وغيرهم، فضلاً عن التمرد على السلطات الشرعية.

خامسًا: الآثار الاجتماعية والإعلامية:

• تُشجع هذه العبارات على تجييش جماهيري متهور.

• تخلق شعورًا جماعيًا باليأس من المؤسسات.

• تُنتج أجيالًا تؤمن بـ”حق الشارع” بدلًا من “حق القانون”.

وهذا يُعد تدميرًا بطيئًا لبنية الدولة، وتهيئة نفسية للفوضى والانفلات الأمني.

إن مواجهة هذه العبارات لا تكون بالسكوت، بل عبر:

1. توعية إعلامية مضادة تُبيّن أن الحقوق تُنال بالعدل، لا بالحلوگ.

2. برامج قانونية ونفسية تستعيد الثقة بالمؤسسات.

3. محاسبة المحرضين إعلاميًا، لأن الخطاب الإعلامي مسؤول عن تعزيز الأمن القانوني فالبديل العقلائي هو:

الحق يُطلب وفقًا للقانون، ويُسترد بالقضاء، ويُثبت بالدليل، لا بالصراخ ولا بالصدام.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!