ابحث في الموقع

التنظيم القانوني لنقل الأعضاء البشرية

التنظيم القانوني لنقل الأعضاء البشرية
التنظيم القانوني لنقل الأعضاء البشرية

بقلم: القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي

يحتل مبدأ حرمة جسم الإنسان سواء كان حيا أو ميتا مكان الصدارة في القوانين والاتفاقيات الدولية ومع ذلك فان معطيات العصر الحديث التي افرزها التقدم العلمي في مجال نقل الأعضاء البشرية قد جعلت من الجثة المصدر الأهم للحصول على الأعضاء البشرية من اجل زرعها في أجساد المرضى المحتاجين اليها وبالتالي إنقاذ حياتهم.

وان الموازنة بين مصلحة إنقاذ المرضى الأحياء وبين احترام جثث الموتى قد انتهت بالرجحان للكفة الأولى فالحي أولى من الميت، وحيث أنّ نقل الأعضاء من الموتى لا يلحق الضرر بهم وتصبح وسيلة علاجية ناجحة ونافعة للمجتمع، وحيث ان الحق في الحياة وسلامة الجسم من الحقوق الملازمة للإنسان التي لايمكن ان يستغني عنها، إلا ان مبدأ معصومية جسم الإنسان كان لابد ان ينحني لمبدأ آخر يفوقه في الأهمية إلا وهو مبدأ التضامن الاجتماعي.

وحيث ان التشريع في أي بلد ينبغي ان يتماشى مع تطورات العصر وبوجه خاص ما تكشف عنه عقول العلماء من اكتشافات طبية والتي تعود بالنفع على البشر.

وفي مجال نقل الأعضاء البشرية ساير المشرع العراقي هذا الإنجاز الطبي حيث اصدر العديد من القوانين منها قانون مصارف العيون وقانون زرع الكلى رقم ٦٠ لسنة ١٩٨١، وقانون زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها رقم ١١ لسنة ٢٠١٦.

وان الأعضاء البشرية المتجددة كالدم والجلد ونخاع العظام في مقدمة ما يباح نقله من الأعضاء وذلك للفائدة التي تتحقق من جراء نقل أي عضو متجدد إلى شخص بحاجة ماسة له ونقل الجلد في إطار عمليات التجميل، اما ما يباح نقلة من الأعضاء غير المتجددة كالقرنيات والكلى وأجزاء من الأمعاء، حيث تعتبر عمليات الكلى الأكثر شيوعا.

أما الأعضاء البشرية التي لا يجوز نقلها فهي القلب والكبد والمعدة ويعزى ذلك إلى كونها تودي بحياة المتصرف كما لا يجوز نقل الأعضاء المزدوجة لأنه يفضي إلى الوفاة وان التصرفات القانونية التي ترد على الأعضاء البشرية تتخذ صورا متعددة كنقل وإيجار الأعضاء بين الأحياء حيث يعد التبرع الإطار القانوني الأكثر قبولا من المنظور الشرعي والقانوني.

ونظم المشرع العراقي شروط التبرع بالأعضاء البشرية ومنها ان يكون المتبرع قد أكمل الثامنة عشرة من عمره، وان يقتنع الطبيب المعالج بكمال أهلية المتبرع ويمنع منعا باتا الإعلان عن المتبرع والمتبرع له بصفة شخصية في وسائل الإعلام.

وفي كل يوم يرحل عن عالمنا الكثيرون وفي جثثهم أعضاء بشرية سليمة يكون مصيرها الدفن والتحلل الدفن والتحلل في حين يواجه الكثيرون فشل الأعضاء والموت وان نقل الأعضاء البشرية قد يتبلور في صيغ قانونية أبرزها الوصية، حيث اعتبر المشرع العراقي الوصية من اهم مصادر الحصول على الأعضاء البشرية، وقد عرفها المشرع العراقي في قانون زرع الأعضاء البشرية ومنع الإتجار بها رقم ١١ لسنة ٢٠١٦ بانها تصرف بعضو أو أكثر من أعضاء الجسم على سبيل التبرع مضافا إلى ما بعد الموت مقتضاه التمليك بلا عوض، أما النقل فهو أخذ عضو أو جزء من عضو من جسم إنسان حي أو ميت ونقله إلى جسم إنسان حي آخر كاستخدام علاجي، وان المشرع العراقي في تشريعه لهذا القانون يهدف إلى عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية لتحقيق مصلحة علاجية راجحة للمرضى والحصول على الأعضاء البشرية من جسم الإنسان الحي بالتبرع حال حياته أو من جثث الموتى بالوصية بعد وفاته كما أن المشرع العراقي نص على ان تكون الأولوية في نقل الأعضاء من الأحياء العراقيين كما أن المشرع العراقي قرر عقوبات تصل إلى السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من نقل أو زرع احد الأعضاء البشرية خلافا لأحكام القانون.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!