ابحث في الموقع

الحكومية تضغط على "ميتا" لكبح الأصوات الناقدة وتكميم الفضاء الرقمي

الحكومية تضغط على "ميتا" لكبح الأصوات الناقدة وتكميم الفضاء الرقمي
الحكومية تضغط على "ميتا" لكبح الأصوات الناقدة وتكميم الفضاء الرقمي
في تقرير صادم، أفصحت شركة “ميتا” عن حملة شاملة للحد من المحتوى الإلكتروني داخل العراق، لا تقتصر على التجاوزات الرقمية فحسب، بل تمتد لتشمل استغلال نفوذ حكومي وسيادي لفرض الصمت على الأصوات التي تُوجّه انتقادات للاحزاب السياسية أو للمسؤولين في الدولة.

وفي هذا الاطار، كشف تقرير الشفافية السنوي لشركة “ميتا”، الشركة الأم لمنصة “فيسبوك”، عن حملة تقييد ممنهجة تمارسها السلطات العراقية عبر “هيئة الإعلام والاتصالات” وبإيعاز من الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، لحجب حسابات وصفحات ومنشورات لناشطين وإعلاميين ومؤثرين عراقيين، فقط لكونهم ينتقدون الفساد السياسي.


التقرير الصادر عن “ميتا”، في شهر (تشرين الأول 2025) أشار إلى تلقي الشركة إشعارين رسميين من “هيئة الإعلام والاتصالات” العراقية، يطالبان بتقييد الوصول إلى منشورين محددين على منصة “فيسبوك”.


وجاء هذا الطلب سندا لقرارات صادرة عن المحكمة الاتحادية العليا، إضافة إلى المادة 229 من قانون العقوبات العراقي، علما أن محتوى المنشورات لم يكن أقل من اتهامات صريحة تتعلق بـ “الفساد والتحيز” موجهة ضد شخصيات قضائية رفيعة المستوى في البلاد، وفقا لتقرير “ميتا”.


وأكدت “ميتا”، أن المنشورات المذكورة لم تخالف أيا من معايير مجتمعها العالمية، ورغم ذلك، استجابت الشركة للطلب وقامت بتقييد الوصول إلى المنشورين فقط داخل الأراضي العراقية، مبررة الإجراء بأنه امتثال للقانون المحلي، حسبما ذكرته صحيفة العالم الجديد.


خطورة القضية تكمن بطبيعة التهديدات التي واجهتها “ميتا”، فقد أبلغت الحكومة العراقية الشركة، بأن عدم الامتثال لطلبات التقييد قد يعرضها لمخاطر اقتصادية، من ضمنها حظر الإعلانات عبر قنواتها ووقف التحويلات المالية من قِبل البنك المركزي العراقي.


هذا الاستخدام للورقة المالية والسيادية من قبل الحكومة العراقية ضد “ميتا”، يعتبره المراقبون، أداة ضغط غير مسبوقة لتوجيه سياسات النشر لشركات التكنولوجيا والاتصال الرقمي العالمية.


في السياق، كتب الناشط السياسي سلام الحسيني في تدوينة على حسابه بمنصة “إكس” قائلاً : “‏تمارس حكومة السوداني أقصى درجات التضييق على الحريات لتدجين الحالة السياسية وحصرها بلون واحد مستغلة تطويع القوانين والسلطة بما يخدم توجهها والمنظومة الحاكمة، وهي حالة مرضي عنها من قبل كل منظومة السلطة من أحزاب وقيادات إن لم تكن بتوجيه ومباركة منهم لتشجيع فعل السوداني هذا لقمع الحريات”.


‏وأضاف، أن “هذا اعترافا خطيرا من قبل شركة ميتا بأن الحكومة العراقية هددتها لحجب منشورات وحسابات لناشطين وإعلاميين صنعوا مواد سياسية ناقدة للحكومة وأحزاب السلطة”.


‏وتابع الحسيني أن “هذا الفعل يؤسس لما هو أخطر من ذلك لنسف الديمقراطية وبناء نظام بوليسي محكوم بتوجهات حزبية شخصية تبني سلطتها بالرشوة والقمع وتطويع القوانين”.


ولم يتوقف الأمر عند “فيسبوك” فقط، بل امتدت الحملة لتشمل منصة “تيك توك” أيضا، حيث أفادت تقارير بأن عددا من الحسابات تعرضت للتقييد أو التوقيف، ما يتطلب من المستخدمين العراقيين استخدام خدمات الـ VPN للوصول إلى محتواها.


ومن بين الحسابات التي طالها التقييد على “تيك توك”، نجد أسماء معروفة مثل الإعلامي البارز حيدر الحمداني، وهو المعروف بنقده للحكومة وسياساتها، فضلا عن حساب “حزب الانتشار الوطني”، و”جدو كلكامش” و”Octuber”، وأما على منصة “فيسبوك”، فقد تم إيقاف صفحات مثل “شعر شعبي عراقي” و”Rec tuber”.


هذه الخطوات تشير إلى وجود حملة ممنهجة تستهدف إسكات الأصوات المنتقدة والصفحات الإخبارية أو الترفيهية التي تنشر محتوى يتناول قضايا تحرج الحكومة في العراق، حتى لو كان هذا المحتوى لا ينتهك قواعد النشر الأساسية لمنصات “ميتا” و”تيك توك”.


يرى نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بحرية التعبير في العراق أن هذه الإجراءات تمثل تضييقاً ممنهجاً على الفضاء الرقمي، ومحاولة لتحويل المنصات العالمية إلى أدوات رقابة محلية تُدار تحت ضغط العقوبات الاقتصادية. ويؤكد هؤلاء أن الحملة تشكل تكميماً واضحاً للأصوات التي لا تنسجم مع سياسات الحكومة أو تعبّر عن مواقف معارضة، في انتهاك لحق أساسي مكفول بحرية التعبير والرأي.


المصدر: صحيفة العالم الجديد
كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!