ابحث في الموقع

رافقها الألم والبكاء منذ ولادتها... العتبة الحسينية تعالج طفلة من الانبار بسلسلة عمليات جراحية (صور)

رافقها الألم والبكاء منذ ولادتها... العتبة الحسينية تعالج طفلة من الانبار بسلسلة عمليات جراحية (صور)
رافقها الألم والبكاء منذ ولادتها... العتبة الحسينية تعالج طفلة من الانبار بسلسلة عمليات جراحية (صور)
لم تكن ولادة الطفلة "ر. ه. ف" طبيعية كباقي الأطفال ومنذ ان رأت النور صار الألم والبكاء رفيقان لها لا يفارقانها، هذه الطفلة من عائلة محدودة الدخل تسكن في محافظة الانبار، ظهرت أعراض المرض أو الأدق مجموعة الأمراض عليها بسرعة وانتفخت بطنها وصعب تنفسها، فهرعت بها عائلتها الى عيادات الأطباء والمستشفيات في محافظتها وأجريت لها عمليات، لكن لم تداوي علتها وكبرت الطفلة وشهرا بد آخر زادت الآمها وشقائها ومعاناتها، وأصبحت تنظر في وجه أمها وتبكي ودموعها تنزل على خديها وكأنها تشكي لها بطريقة تقول لها "ساعديني يا امي"، وبعد مراجعات بين محافظة الانبار والعاصمة بغداد حطت رحالها في مستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) الجراحي التابع لهيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة لتتلقفها ايدي الأطباء الماهرين والحاذقين الذين استقطبوا من افضل دول العالم والمساعدين لهم لتجرى لها عملية واحدة وتنتظرها عمليات أخرى لاكتساب الشفاء التام.

أم وحسرة

وقفت والدة الطفلة "ام مصطفى" أمام سرير طفلتها تشرح لوكالة نون الخبرية ما جرى لابنتها الرضيعة وما تلقته من اهتمام ورعاية وعناية وتعامل انساني قائلة: ان "ابنتي تبلغ من العمر الآن (8) أشهر، وبعد اليوم الخامس من ولادتها عرفنا انها تعاني من مجموعة مشاكل صحية، حيث بدأت بطنها بالانتفاخ، حتى وصلت الى مرحلة عدم خروج الفضلات من جسدها، وراجعنا بها احد الأطباء المتخصصين في عيادته الشخصية بمحافظة الانبار، وقرر اجراء فتحة جانبية في البطن لإخراج الفضلات وراجعنا مستشفى الأطفال في الرمادي واجرينا الفحوصات والتحاليل والاشعة اللازمة، ومنها علم الأطباء ان لديها تشوه في القلب وفيه فتحات متعددة، ولديها مشاكل في الشرايين وناسور مع القلب، وعلى اثرها قرر الأطباء في محافظة الانبار إحالة ابنتي الى مستشفى "ابن البيطار" المتخصص بعلاج امراض القلب في العاصمة بغداد، فشدينا الرحال وجئنا بها الى المستشفى المقصود".

تشخيص واحالة

وتستمر الام التي تتحسر كل دقيقة على حال ابنتها في سرد معاناتها بالقول ان "الأطباء في مستشفى (ابن البيطار) الحكومي وبعد اجراء المعاينة الاستشارية والفحوصات المختبرية والاشعاعية اكدوا انها تعاني من فتحات ومشاكل في القلب وتحتاج الى اجراء عملية القلب المفتوح للأطفال التي تعتبر من العمليات (فوق الكبرى)، فقرروا احالتها وفق برنامج الاخلاء الطبي التابع لوزارة الصحة للعلاج خارج العراق ولكني يصعب علي السفر الى الخارج كوني امرأة بسيطة ولا املك المال او اعرف لغة بلد آخر او احسن التصرف في الغرب بمفردي مع ابنتي، لأنني وخلال رحلة ثمانية اشهر من العلاج والتنقل بين عيادات الأطفال والمستشفيات وبين العاصمة بغداد ومحافظتي الانبار اتوقف أحيانا كثيرة عن علاجها اذا كنت لا املك المال رغم الألم والاذى والمضاعفات التي تعاني منها، وكثيرا ما اضطررت الى الاقتراض من الناس الطيبين، أحيانا لا املك حتى أجور السيارات التي استقلها، وكثيرا ما تعاطف معي مواطنون طيبون شاهدوا بكائي على ابنتي فادخلوني مجانا الى عيادات الاطباء، وقرر أطباء (ابن النفيس) احالتها الى مستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) الجراحي في محافظة كربلاء المقدسة، وجئت بها وهي لا تعرف الا البكاء وضيق التنفس والصراخ فتعيش يومها رفيقة للوجع والصراخ، وانا اشعر بها لأنها اول طفلة وكثيرا ما اجلستها في حضني واشاركها بالبكاء لأني لا املك أي سبيل لعلاجها".

عند زين العابدين

بعد هذه الرحلة من العذاب والمعاناة والقلق وضيق الحال والاقتراض من الخيرين ومساعدة الطيبين حطت "ام مصطفى" رحالها مع ابنتها العليلة في كربلاء المقدسة وتصفها بالقول ان "شخص متبرع يساعد المحتاجين جاء بي الى محافظة كربلاء المقدسة لأني لم ازرها سابقا، ووصلنا عند الساعة العاشرة ليلا وعلى الفور تسلموا طفلتي وبأفضل أنواع المعاملة الإنسانية والطبية والمهنية اخضعوها فورا الى حزمة من الفحوصات الاشعاعية والمعاينات الاستشارية والتحاليل المختبرية، وقرروا إدخالها فورا الى صالة العمليات لإجراء عملية جراحية فوق الكبرى (القلب المفتوح) في نفس الساعة التي وصلنا بها، لان حالتها تعتبر متأخرة جدا وهناك مخاطر كبيرة على حياتها، ودخلت الى صالة العمليات عند الساعة الحادية عشرة ليلا يوم الخميس الماضي، واجرى لها فريق طبي اجنبي من افضل الأطباء والمساعدين الماهرين والحاذقين في هذا المجال العملية الجراحية، واستمرت العملية حوالي اربع ساعات واسكنوني في غرفة خاصة، وعند الثالثة فجرا جاؤوا لي ليبشروني بنجاح العملية الجراحية للقلب المفتوح ووضعها في العناية المشددة للمحافظة عليها ولم استطع رؤيتها الا بعد ثلاث ايام، ففرحت فرحا شديدا وسجدت لله شاكرة ودموع الفرح اختلطت بدموع الخوف عليها والحزن، ولا استطيع ان اصف فرحتي عندما شاهدتها في سريرها وهي بحالة صحية جيدة وتحسنت كثيرا بعدما كان ضيق التنفس، والالم، والبكاء، والمعاناة عالمها اليومي، وتنتظر طفلتي بعد هذه العملية اجراء عملية جراحية ثانية لها في القلب، وعمليتين جراحيتين في الأمعاء في مستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) الجراحي وجميع العمليات والعناية والخدمات الطبية مجانية بكلفة مدفوعة من العتبة الحسينية المقدسة، وقد شاهدت افضل تعامل انساني وطبي واخلاقي، وكنت خائفة عند مجيئي الى كربلاء المقدسة ودخولي الى المستشفى ولم أتوقع مثل هذا الاهتمام والتعامل الطبي المهني والأخلاقي من قبل الأطباء والتمريضيين وباقي التخصصات الساندة، واشعرني الجميع انني بين اهلي واقاربي ولم اشعر ابدا اني في غربة وبعيدة عن دياري، حيث اسكنوني في احد الفنادق عندما كانت طفلتي في العناية المشددة وخصصت لنا غرف في المستشفى عندما عادت الى ردهة الرقود".


قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!