انشغل الرأي العام مؤخرا بقضية قيام أحد المرشحين الفائزين بأخذ مجموعة من الشباب الى أماكن خاصة للتدريب على أساس أنهم تم تعيينهم ضمن ملاكات هيأة الحشد الشعبي والذي تبين لاحقا أن المعسكر الذي تمت فيه التدريبات والكلام الذي قيل لهم كله كان مزيفا ولا صحة له وإن المرشح الذي حصد على أصوات المشاركين في تلك الدورة الوهمية استخدم أساليب احتيالية معهم لغرض الحصول على أصواتهم في انتخابات مجلس النواب، وعلى إثر المنشورات التي غطت سماء الفيس بوك، ومقاطع الفيديو التي وثقت الدورة المزيفة والمأخوذة من داخل المعسكرات وكيفية نقل المشاركين إليها، والتدريبات الخاصة بهم تم فتح قضية تحقيقية بحق النائب الذي حصد أصواتا انتخابية بطرق غير قانونية، وانتشر عبر التواصل الاجتماعي أمر إلقاء القبض صادر بحقه.
الأخبار أشارت الى قيام مفوضية الانتخابات بإلغاء فوز هذا المرشح، وعدم احتساب الأصوات التي حصل عليها، كون أن طريقة حصوله عليها كانت بطرق احتيالية وغير قانونية.
ما لم يتحدث به أحد، هو الأسباب التي دفعت هذا العدد الكبير من الشباب الى الانخراط في معسكرات وهمية، والانصياع الى أوامر وتوجيهات قد لا يؤمنون بها، بل وذهبوا إليها مضطرين.
3 آلاف شاب أو أكثر، حسب ما تم الكشف عنه في هذه القضية، اضافة الى القضايا التي لم يكشف عنها، ولم يتحدث بها أحد، ربما يصلون الى الآلاف، كلهم ضحية للسياسات الوهمية وليس للمعسكرات، السياسات التي دفعت بهم ليكونوا فريسة سهلة لطالبي الأصوات الحرام إن صحت التسمية، فلو توفرت لهم فرص عمل، لما ذهب منهم أحد الى هذا المرشح، ولما انتخبوه أصلا! هذا المرشح الذي حصد أصواتا ملوثة بعرق الشباب وبكبريائهم الذي جرح بعد أن اكتشفوا أنهم كانوا ضحية نصب واحتيال، لم يكن ليستغفل ناخبا واحدا، لولا البطالة التي كانت السبب بالوصول الى هذا الحال. البطالة التي تكاد تقضي على آمال وتطلعات جيل كامل، تبدو اليوم مفتاحا للوصول الى أعلى المناصب والرتب، فالمرشح الذي يملك المليارات، يمكنه شراء أصوات تؤهله للفوز بمقعد نيابي، أو من خلال النصب والاحتيال.
الانتخابات لم ولن تكون نزيهة بشكل كامل، مادام هنالك بيع وشراء للذمم وللناس المحتاجين الذين يهمهم الحصول على أي مبلغ مالي، حتى لو كان 50 ألف دينار لقاء صوتهم، لأن ذلك الخمسين ألف يمنحهم بضعة أيام يأكلون فيه أكلا يحبونه. ما كشف من قضايا احتيال ونصب جرت من قبل بعض المرشحين تجاه الناخبين قد لا تكون الأخيرة، فالأيام القادمة ستشهد المزيد من حالات الخداع والنصب.
والدولة ملزمة بتوفير فرص العمل وأقول فرص العمل ولا أقوال الوظائف، لأن مفهوم فرصة العمل يختلف كليا عن مفهوم الوظيفة، لأن فرصة العمل يمكن الحصول عليها عبر القطاع الخاص، وعبر المشاريع الصغيرة، وعبر الدعم غير المباشر للعمل الحر، وهي أمور يمكن للحكومة القيام بها من خلال دعم القطاع الخاص، وتسهيل إجراءات الحصول على قروض ميسرة، وتفعيل الاستثمارات الكبيرة وإلزام أصحاب العمل والمشاريع الكبيرة بتشغيل الأيدي العاملة العراقية ودعم القطاع الزراعي والصناعي.. كلها أمور لا تكلف الدولة شيئا سوى إصدار قرارات إدارية، وتشريعات تنظم تلك القطاعات، لكن الحكومة لا تعرف كيف تعالج البطالة إلا من خلال التعيينات التي باتت تشكل عبئا كبيرا لا على الحكومة فحسب، بل على الدولة بأكملها!
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!