بقلم: د. رائد الهاشمي
يعتبر منسك الحج من أهم الشعائر الدينية في الإسلام، حيث يسعى المسلمون من جميع أنحاء العالم لأداء هذه الفريضة المقدسة مرة واحدة على الأقل في حياتهم، ويعتبر حلماً للجميع ويسعون بكل الوسائل المتاحة لتحقيقه ومع ذلك، يواجه العراقيون صعوبات في تحقيق هذا الهدف بسبب العوائق المالية والإدارية التي تحول دون تحقيق حلمهم في أداء الحج.
آلاف العراقيون الذين رتبوا أمورهم وجمعوا المال وضغطوا على عوائلهم واقتصدوا بمعيشتهم وجمعوا الأموال من أجل تحقيق حلم الحج الى بيت الله الحرام وسارعوا بالتسجيل على قرعة الحج في المؤسسة المسؤولة عن تنظيم أمور الحج وهي هيئة الحج والعمرة ولكن طال انتظارهم لسنوات عديدة ولم تظهر أسماؤهم ومنهم من قضى نحبه ولم يحقق حلمه.
وهنا أتسائل لماذا لاتضمن الحكومة العراقية وهيئة الحج والعمرة العدالة في تنظيم هذه العملية التي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن أي نوع من أنواع الفساد والشبهات، ولكن مايحدث كل عام يثير الاستياء لدى العراقيين حيث نرى السياسيون العراقيون ورؤوساء الكتل والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة ويرافقهم المتملقون من الشخصيات الأعلامية وغيرها يتسابقون كل عام في ذهابهم الى الحج وبشكل مستفز للمواطن العراقي حيث يتفاخرون بنشر صورهم ومقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح الحج لديهم موضة ووسيلة للدعاية وإدعاء الدين، ولايعلمون أن للحج شروط صعبة يجب تحقيقها قبل الذهاب الى أداء هذا المنسك الرباني وأهمها أن يكون مالهم حلالاً خالي من أي شبهة وفساد ويجب أن يطلب من جميع أهله وأقاربه ومعارفه براءة الذمة حتى يصبح حجّه صحيحاً ونيته سليمة لمقابلة ربه عسى أن يقبل حجته ويغفر ذنبه وهنا أستحلفكم بالله مَن مِنَ السياسيين تنطبق عليه هذه الشروط ومن مِنَ العراقيين يبرؤهم الذمة ؟ أكيد الجواب معروف للجميع ومن الجواب تعرف أن ذهابهم للحج لاعلاقة له بالدين وإنما فيه مآرب أخرى.
يعتبر هذا الوضع ظاهرة غير عادلة وفيها تفضيل للطبقة السياسية على حساب حقوق الشعب، وهنا أوجه تساؤلي الى السيد رئيس هيئة الحج والعمرة عن سبب هذه الظاهرة الخطيرة ومن المسؤول عنها ومن سمح للهيئة بهذا التصرف الغير عادل والذي يتسبب بظلم كبير للمواطنين على الرغم من وجود هدية سنوية من الحكومة السعودية بعدد غير قليل من بطاقات حج اضافية للعراق تضاف على العدد الرسمي المسموح به، وأقول له، بالرغم من الجهود الكبيرة والواضحة للهيئة في عملية تفويج الحجاج سنوياً والتي يشهد بها القاصي والداني خاصة في السنوات الثلاثة الأخيرة حيث تم توفير كل وسائل الراحة للحجاج العراقيين والخدمات المتميزة التي تفوقت على جميع الدول ولكن هذا لايعطي الحق للهيئة بتوزيع فرص الحج على هواهم من أجل إرضاء السياسيين على حساب المواطن العراقي لأن هذه الظاهرة تعتبر مؤشرًا على التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع العراقي.
يجب أن تكون عملية اختيار الحجاج عادلة وشفافة، ويجب أن تكون الأولوية لأولئك الذين لم يؤدوا الحج من قبل ولأصحاب الحاجة وينبغي للحكومة أن تتخذ إجراءات لضمان توزيع الفرص بشكل عادل ومتساوٍ بين جميع المواطنين، وضمان عدم استغلال الحج لأغراض سياسية أو شخصية.
الحج يجب أن يكون فرصة للتقرب من الله وليس فرصة للتفرقة والتمييز بين الناس. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية لضمان حق كل مواطن في أداء هذه الفريضة الدينية بكرامة وعدالة وأطالب السيد رئيس مجلس الوزراء بالتدخل شخصياً لمنع هذا الظلم واصدار تعليمات صارمة ورقابة شديدة على عملية تسجيل أسماء الحجاج سنوياً واصدار تعليمات بعدم السماح لأي شخص يذهب للحج بأن يتكرر ذهابه خلال فترة على الأقل عشرة سنوات لكي نفسح المجال لجميع المواطنين من تحقيق حلم العمر بأداء هذا المنسك الديني الرباني.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ظاهرة التصحّر والحل الأمثل
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود