بقلم: القاضي إياد محسن ضمد
ترتبط أهمية العدالة عند الضحية بقدرتها على إنصافه وجبر ضرره بسرعة، وكما أن الكثير من الجرائم تحدث نتائجها على الضحايا بسرعة فيفترض بالعدالة ملاحقة الجناة وإيقاع العقاب وتعويض الضحايا قبل فوات الأوان والا فلا جدوى من إدخال الضحية في إجراءات بيروقراطية تزيد من آلامه وإنفاقه وتتسبب في خسارة وقته دون جدوى، فالعدالة المتأخرة هي عدالة باردة.
ولطالما أكدت النظم القانونية والقضائية على ربط الزمن بالعدالة وأوجبت حسم القضايا بسقوف زمنية محدودة وعدم إطالة أمد نظر القضايا دون أسباب مقبولة لان تأخير حسم القضايا يؤدي الى ضعف ثقة الجمهور بالعدالة والشعور باللاجدوى منها.
وفي العراق فقد اتخذ مجلس القضاء الأعلى جملة من الإجراءات الهادفة الى تحقيق العدالة الناجزة السريعة منها التأكيد المستمر على الالتزام بالسقوف الزمنية لحسم القضايا ومراقبة نسب الإنجاز الشهرية والفصلية لكل قاض واعتبار نسب الحسم احد مرتكزات تقييم جودة أداء القاضي كذلك لجأ مجلس القضاء إلى زيادة أعداد القضاة من خلال فتح مزيد من دورات الدراسة في المعهد القضائي.
والشيء المهم هو اللجوء لأسلوب المحاكم النوعية في نظر القضايا ذات الطبيعة المتشابهة مثل المحاكم التجارية ومحاكم مكافحة الإرهاب ومحاكم مكافحة غسل الاموال والقضاة المتخصصين بنظر قضايا النشر والاعتداء على الأطباء وغيرها مما يضمن نظر القضايا من قضاة تراكمت لديهم الخبرة في المجال ذاته والذي يساعد بدوره على سرعة حسمها وإنجازها، الا أن وسائل وأساليب أخرى تسرع من وتيرة العدالة ترتبط بما تمتلكه أجهزة إنفاذ القانون مثل كاميرات المراقبة والأدلة الرقمية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في تعقب المجرمين والقبض عليهم وتقديمهم أمام القضاء.
والعدالة الباردة المنهكة لأطراف الدعوى دفعت البعض للحديث عن العدالة التحليلية التي ترتكز على خوارزميات ترتبط بالذكاء الاصطناعي وترتبط تلك الخوارزميات أيضا بمجموعة معلومات ومعطيات لنزاعات وقضايا متشابهة ومن ثم اقتراح الإجراءات السريعة التي تسهل حسم القضية كما جرى في قضايا سابقة نظرت بشكل مثالي.
وتساعد تلك الخوارزميات كذلك الأفراد في فهم ومعرفة امكانية كسب القضية من خلال اطلاعهم على معطيات تتعلق يما تحتاجه قضاياهم من زمن وكذلك فرص كسب القضية إذ ربما يصرفون النظر عن إقامتها في حال كان توجه المحاكم في قضايا مماثلة بعدم قبول القضية او ردها وكل تلك النظم الخوارزمية والتحليلية تصب في تحقيق عدالة سريعة تتجاوز مصاعب العدالة الباردة والمتأخرة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!