فشل مجلس النواب العراقي، مرة أخرى في عقد جلسته المقررة يوم السبت الموافق 2 آب 2025 بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لانعقادها.
هذا الإخفاق المتكرر أعاد إلى الواجهة أزمة مزمنة تعيق عمل السلطة التشريعية وتعرقل إقرار القوانين الحيوية ومراقبة أداء الحكومة.
رد فعل حازم:
وردًا على هذا التغيب الجماعي، اتخذ النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي إجراءً غير مسبوق في حدّته:
1.نشر الأسماء:وجه المندلاوي بنشر أسماء جميع أعضاء المجلس المتغيبين عن جلسة اليوم بشكل علني.
خطوة تهدف لكشف المقصّرين وتحميلهم المسؤولية أمام الرأي العام.
2. عقوبات مالية قاسية:أمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع مبلغ مليون دينار عراقي(ما يعادل تقريبًا 750 دولارًا أمريكيًا) من راتب كل نائب متغيب.
3. يُعد هذا القطع قيمة كبيرة نسبيًا مقارنة بالرواتب مما يجعل العقوبة ذات أثر مادي رادع.
الأسباب الكامنة والتأثيرات:
-تكتيكات سياسية: يُنظر غالبًا إلى التغيب المتعمد كأداة للمقاطعة أو للضغط من قبل كتل سياسية معارضة أو غير راضية عن جدول أعمال الجلسة أو لتعطيل إجراءات محددة (مثل التصويت على قوانين أو استجواب وزراء).
-ثقافة التغيب:يشير التكرار إلى وجود مشكلة أعمق تتعلق بغياب ثقافة الالتزام بالعمل البرلماني والمسؤولية تجاه الناخبين لدى بعض النواب.
-شلل تشريعي: يؤدي عدم انعقاد الجلسات باستمرار إلى شلّ عمل المجلس، وتأخير إقرار الموازنة العامة وقوانين الخدمة والاستثمار المهمة، وإعاقة الرقابة على السلطة التنفيذية.
-إهدار للمال العام:يُعد تقاضي النواب لرواتبهم وبدلات حضور (وإن كانت ستُقطع جزئيًا الآن) مع تغيبهم المتعمد عن العمل إهدارًا للمال العام واستهانة بمبدأ المساءلة.
السياق الأوسع:
تعاني البرلمانات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 من أزمة النصاب، خاصة في ظل الانقسامات السياسية الحادة وطبيعة النظام القائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، مما يسهل استخدام التغيب كسلاح سياسي. قرار المندلاوي يمثل محاولة جادة لمواجهة هذه الثقافة السلبية.
المراقبة والآفاق:
-فعالية العقوبة:السؤال الرئيسي هو مدى فعالية العقوبة المالية في ردع النواب المتغيبين مستقبلًا، خاصة أولئك الذين يتغيبون بدوافع سياسية عميقة أو الذين يمثلون كتلًا غنية.
-الالتزام القانوني:مدى التزام الجهات الإدارية والمالية في المجلس بتنفيذ القرار بشكل حازم وعادل.
-ردود الفعل السياسية:يُتوقع أن يثير القرار ردود فعل متفاوتة من الكتل السياسية، بين مؤيد للشدة في تطبيق النظام، ومعترض قد يطعن بالإجراء.
-خطوة نحو المساءلة:بغض النظر عن التحديات، يمثل القرار إشارة قوية نحو تعزيز مبدأ المساءلة والشفافية، ووضع حد لثقافة الإفلات من العقاب التي رافقت أداء بعض النواب لفترات طويلة.
ختاما :
فشل جلسة مجلس النواب العراقي في 2 آب 2025 ليس حدثًا معزولًا، بل حلقة في سلسلة طويلة من الإخفاقات التشريعية بسبب أزمة النصاب. قرار النائب الأول للرئيس محسن المندلاوي بنشر أسماء المتغيبين وقطع مليون دينار من رواتبهم هو إجراء جريء وغير مسبوق في صرامته. إنه اختبار حقيقي لإرادة الدولة في فرض النظام والمساءلة داخل مؤسساتها، وقدرتها على كسر الحلقة المفرغة للتغيب السياسي الذي أنهك العملية السياسية. نجاح هذا الإجراء قد يمثل منعطفًا إيجابيًا، بينما فشله سيعمق أزمة الثقة بين الشعب وممثليه.
منار قاسم/كربلاء
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!