يستمر الجدل في العراق حول قائمة السفراء الجدد الذي صوت عليها البرلمان مؤخرا، وسط اتهامات بترسيخ المحاصصة الحزبية وإقصاء الكفاءات المهنية من مواقع تمثيل العراق في الخارج، رغم ترحيب رئيس الوزراء محمد السوداني ووزارة الخارجية بها.
ومع تصاعد الحديث من أن تمريرها جرى وفق إطار “صفقة حزبية” مع غياب النصاب القانوني، أعلن النائب رائد المالكي، اليوم الخميس، من داخل المحكمة الاتحادية العليا، عن تقديم مجموعة من النواب طعنا على قائمة السفراء، معترضين على قرار المصادقة عليها في مجلس النواب.
وذكر المالكي في تصريح صحافي، أن “النواب المعترضين تواجدوا في المحكمة للبت بالطعن المقدم، في خطوة تهدف إلى مراجعة القرار الذي صادق عليه المجلس مؤخرا بشأن تعيين السفراء”.
إلى ذلك، كتب النائب أمير المعموري عبر صفحته في “فيسبوك”، أنه “تم إكمال دعوى الطعن بقائمة السفراء في المحكمة الاتحادية العليا، فيما أرفق مقطع فيديو يظهر الأسماء التي ساهمت برفع الدعوى”.
وصوت البرلمان، خلال جلسته المنعقدة أمس الأول الثلاثاء، على قائمة السفراء الجدد المرسلة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وذلك بعد جدل نيابي، فبحسب نواب فإن “المجلس لم يتسلم السير الذاتية للمرشحين في قائمة السفراء”.
وضمت قائمة السفراء المصوت عليهم 91 سفيرا، من بينهم نجل رئيس البرلمان محمود المشهداني، ونجل السياسي مشعان الجبوري، ونجل النائب الشبكي السابق حنين القدو، وأحد المقربين من رئيس حركة بابليون ريان الكلداني، وشقيق زعيم منظمة بدر هادي العامري.
وبحسب نواب، فإن أسماء السفراء اعتمدت على المحاصصة وصلة القرابة التي تربط المرشحين المسؤولين المتنفذين في الدولة، كما شككوا بشرعية الجلسة الخاصة بالتصويت على السفراء، كونها جاءت دون تحقيق النصاب القانوني لعقد الجلسة.
وتعيد الأزمة الراهنة إلى الواجهة تاريخا طويلا من الاعتراضات التي تكررت مع كل دورة برلمانية، حيث تسربت أسماء لا تملك أي خلفية في العمل الخارجي، بل عُيّنت بمنطق المكافأة الحزبية.
وعلى الرغم من ملاحظات ديوان الرقابة المالية ووزارة الخارجية، فإن الاعتبارات السياسية كانت في كل مرة تتغلب على متطلبات الكفاءة، ليظل العراق أمام مشهد دبلوماسي يتجدد فيه سؤال الشرعية قبل سؤال الكفاءة.
وكان مجلس الوزراء قد أقر مؤخرا، قائمة لتعيين عدد من السفراء الجدد وفق المحاصصة والقرابة، متجاهلا، بحسب مختصين، معايير الكفاءة والخبرة، مما أحدث موجة جدل واسعة وحراكا برلمانيا متصاعدا لوقف تمرير القائمة، وسط تحذيرات من تداعياتها على سمعة العراق الدبلوماسية، وتأكيدات بأن بعض الأسماء تمثل امتدادا للنفوذ الحزبي والعائلي داخل مؤسسات الدولة.
ويرى مختصون أن إشكالية هذه التعيينات لا تقتصر على بعدها السياسي، بل تمتد إلى أثرها الإداري، إذ أن السفارات العراقية تمثل نقاط اتصال مهمة مع الجاليات في الخارج، وأي خلل في أدائها قد ينعكس مباشرة على صورة الدولة وخدماتها القنصلية.
وضجت مواقع التواصل الإجتماعي، بمقاطع فيديوية لجلسة البرلمان وهي تعج بالفوضى والصراخ وتهديد من قبل رئيس البرلمان، بالتمرير بالغصب على الجميع، لافتين إلى تضمن القائمة أسماء لشخصيات مشمولة بالمساءلة والعدالة، كذلك تضمنها صلة قرابة مع بعض الشخصيات السياسية ومن بينها رئيس المجلس.
ويعدّ السفير بحسب الأعراف الدبلوماسية، الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة تمثيل بلاده في الخارج لدى الدولة المضيفة، ومن واجباته الأساسية بالإضافة إلى أعماله الدبلوماسية خدمة الجالية في الدولة التي يوجد فيها.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!