ابحث في الموقع

الانتخابات بين الحق والاختيار

الانتخابات بين الحق والاختيار
الانتخابات بين الحق والاختيار
بقلم: عبد الكاظم حسن الجابري

تُعدّ الانتخابات إحدى أبرز مظاهر الممارسة الديمقراطية في المجتمعات الحديثة، وهي الوسيلة التي يعبّر من خلالها المواطن عن إرادته في اختيار من يمثله في مؤسسات الدولة، ومن هذا المنطلق، فإنّ المشاركة في الانتخابات تجمع بين كونها حقًا منحه القانون للمواطن، واختيارًا يُمارسه الفرد بإرادته الحرة.

من الناحية القانونية، تمثّل الانتخابات حقًا أساسياً لكل مواطن مؤهل، إذ يتيح له الدستور والقوانين الوطنية المشاركة في صنع القرار السياسي، والمساهمة في تحديد مستقبل البلاد عبر التصويت أو الترشح، هذا الحق لا يجوز سلبه أو التعدي عليه، لأنه من صميم الحقوق المدنية والسياسية التي تُكرّس مبدأ المساواة والمواطنة.

أما من الناحية الإنسانية والأخلاقية، فإنّ ممارسة هذا الحق تتوقف على الاختيار، أي على حرية الفرد في أن يشارك أو يمتنع، وفي أن يصوّت لمن يرى فيه الكفاءة وتحقيق المصلحة العامة، فترك المشاركة في الانتخابات لا يُعدّ مخالفة قانونية، ولكنه يُعبّر عن اختيارٍ شخصي، قد يكون دافعه القناعة أو اللامبالاة أو الاحتجاج، ومن هنا يظهر الفرق الدقيق بين الحق الذي تُكفله القوانين، والاختيار الذي تُقرّره الإرادة الفردية.

وبذلك يمكن القول إنّ الانتخابات تجسّد التلاقي بين الحق والاختيار؛ فهي حقّ عام لكل مواطن، لكنها لا تتحقق إلا بالاختيار الحرّ والمسؤول، فكلما أدرك المواطن قيمة صوته بوصفه أداة تغيير وبناء، تحوّل هذا الحق من مجرد امتياز قانوني إلى واجب وطني وأخلاقي يسهم في ترسيخ العدالة والاستقرار والديمقراطية الحقيقية.

المجتمعات لا تنهض بمجرد امتلاك الحقوق، بل بممارسة تلك الحقوق بوعي ومسؤولية، فالصوت الانتخابي ليس رقماً في سجل الانتخابات، بل موقف يترك أثره في مسار الدولة لسنوات وربما لعقود قادمة، لذلك حين يتحول الحق في الانتخاب إلى اختيار واعٍ ومسؤول، فان المواطن يتحول من متفرج إلى شريك في صناعة المستقبل.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!