ابحث في الموقع

جريمة تعنيف الأطفال من الوالدين

جريمة تعنيف الأطفال من الوالدين
جريمة تعنيف الأطفال من الوالدين
بقلم: القاضي حبيب إبراهيم

تعتبر مرحلة الطفولة من اهم المراحل في حياة الإنسان، كونها تعد اللبنة الأساس لبناء الفرد بناء سليما داخل اسرته ابتداء وفي المجتمع لاحقا، الامر الذي يستوجب أتباع التنشئة السليمة للاطفال من قبل الوالدين بغية حمايتهم مما قد يتعرضون له من ظواهر سلبية داخل المجتمع.

والاصل ان يكون الوالدان او احدهما اكثر شفقة ورحمة ورفقا بأولادهما مقارنة عما هو عليه الحال بالنسبة لغيرهما الا ان الامر لا يكون كذلك دائما، فقد يتعرض الاطفال الى العنف باشكاله المتنوعة لا من الغير بل من احد الوالدين او كلاهما معا، وهو شكل من اشكال العنف الاسري او العائلي او المنزلي، بالشكل الذي يثير مسؤوليتهما الجزائية عن ذلك الفعل.

والعنف لغة (مضاد للرفق ومرادف للشدة والقسوة، والعنيف هو المتصف بالعنف، فكل فعل شديد يخالف طبيعة الشي، ويكون مفروضا عليه من الخارج فهو فعل عنيف)، اما اصطلاحا فهو (أي اعتداء أو إساءة حسية او معنوية او جنسية او بدنية او نفسية من احد أفراد الأسرة او الأقارب او احد العاملين في نطاقها تجاه فرد آخر كالزوجة او الأطفال او المسنيين او الخدم على وجه الخصوص)، وضمن سياق الكلام فان العنف المراد به هو الذي يقع من قبل احد الوالدين او همها معا تجاه أطفالهما سواء أكان بدنيا ام نفسيا لأسباب متعددة.

ويقع العنف الأسري بأشكال متعددة ومن اهمها العنف البدني او الجسدي والمتمثل بالسلوك العدواني الواقع من قبل احد الوالدين تجاه أطفالهما بالضرب او غيره بغية إحداث الإيذاء والألم بالأطفال وهو اكثر انواع العنف شيوعا من الناحية العملية ويرتب آثاره السلبية تجاه المجنى عليهم بالذات والاسرة والمجتمع، وكذلك العنف النفسي او المعنوي والذي يقع على مشاعر واحاسيس المجنى عليهم دون ان يرتب آثاره المادية لديهم الامر الذي يصعب معه اثباته بطرق الاثبات المقررة قانونا، سيما انه يقع على الأطفال الصغار.

والعنف النفسي يقع اما مباشرة ويتمثل بالسلوك المرتكب تجاه الأطفال من قبل احد الأبوين ويعرف بالعنف التعبيري او الرمزي او التسلطي من خلال استخدام الرموز او العبارات غير المقبولة وفق المعايير الثقافية للمجتمع. والعنف القهري وهو سلوك احد الوالدين تجاه أطفالهما والذي يسلب حق الاختيار ويرتب اثاره النفسية لدى المجنى عليهم اضافة الى عنف الامتناع ويتمثل بامتناع احد الوالدين من القيام بعمل تجاه الاطفال رغم وجوب القيام به من قبله.

ويقد يقع العنف النفسي بصورة غير مباشرة وهو السلوك المرتكب من قبل احد الوالدين تجاه اخر لإلحاق الاذى بشخص ثالث، فقد يبادر الزوج بايذاء الاطفال نكاية بزوجته بسبب الخلافات العائلية بينهما. وللعنف المرتكب من قبل احد الوالدين تجاه اطفالهما اسباب متعددة، من اهمها الاسباب الذاتية وهي الدوافع النابعة من نفس الشخص او ذاته لاسباب عدة ومنها ظروفه الخارجية كتعرضه للعنف نفسه وقت طفولته، وايضا الاسباب الاقتصادية اذ ان سوء الاحوال المعيشية للابوين او احدهما قد تكون دافعا لتعنيفه لاطفاله، اضافة الى الاسباب الاجتماعية والمتمثلة بالعادات والتقاليد العشائرية السائدة في المجتمع وبحسب بيئة الاب قد تكون سببا لارتكاب العنف تجاه الأطفال.

ومن اهم الاسباب العملية الدافعة للعنف هو الخلافات الزوجية التي قد ينجم عنها الطلاق بين الزوجين فاذا ما كانت الحضانة للزوجة فانها قد تبادر الى تعنيف أطفالهما نكاية بالزوج، وقد يبادر الاخير الى ارتكاب ذلك الفعل عند تنفيذ الحكم الصادر له بالمشاهدة والاصطحاب للطفال نكاية بزوجته. وقد وردت الحماية الدستورية للاطفال بماورد عليه النص في المادة( ٢٩/ اولا) من الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥، من ان (١_ الاسرة اساس المجتمع. وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية.ب_ تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة....ثانيا_ للاولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم.....رابعا_ تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع). كما برزت الحماية التشريعية بماورد عليه النص في الفصل الخامس من الباب الثامن في قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل والخاص بالجرائم المتعلة بالبنوة ورعاية القاصر وتعريض الصغار والعجزة للخطر وهجر العائلة، إضافة للنصوص القانونية الواردة في القوانين الأخرى كقانون رعاية الأحداث وقانون العمل وغيرهما. 

ورغم أن المشرع العراقي قد احسن فعلا عند إصداره للقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٢٤ والذي تضمن تشديد العقوبة عند ارتكاب جريمة عقوق الوالدين بإضافة الفقرة ثانيا للمادة ٣٨٤/من قانون العقوبات، إلا انه لم يتطرق الى موضوع العنف الأسري الواقع من قبل الوالدين او احدهما تجاه أطفالهما وكان من الممكن إدراج ذلك في القانون المذكور سيما إن لم يتم إقرار مشروع قانون مناهضة العنف الاسري المعروض على البرلمان منذ العام ٢٠١٩ حتى الآن والذي عرف العنف الأسري كونه (كل فعل او امتناع عن فعل او التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي او معنوي).

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!