RSS
الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

ابحث في الموقع

صوت الدولة.. لا فوضى المنصّات

صوت الدولة.. لا فوضى المنصّات
صوت الدولة.. لا فوضى المنصّات
بقلم: الفريق الدكتور سعد معن الموسوي - رئيس خلية الإعلام الأمني

في زمنٍ أصبحت فيه الكلمة قادرة على إشعال نار الفوضى أو إطفائها، لم يعد أمن الدولة مقتصرًا على السلاح والميدان فحسب، بل أصبح يشمل الفضاء الرقمي الذي تحوّل إلى ساحة يتقاطع فيها الوعي مع التضليل، والبناء مع الهدم، والحق مع التحريض.

قرار مجلس القضاء الأعلى بتوجيه الادعاء العام إلى ممارسة صلاحياته المنصوص عليها في قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017، وتحريك الشكاوى الجزائية بحق كل من يحرّض أو يروّج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر الإعلام أو منصات التواصل، لم يأتِ من عبث، ولا هو إجراء استثنائي، بل هو خطوة وطنية لحماية الاستقرار السياسي الذي يعدّ الضامن الأول لأمن البلد وركيزة فرض القانون.

إن العراق الذي قدّم التضحيات الكبيرة ليصل إلى مرحلة الدولة المستقرة لا يمكن أن يسمح بتحويل المنصّات الإعلامية إلى أدوات لنسف الشرعية الدستورية أو بث مشاعر الإحباط واليأس عبر حملات منسَّقة تستهدف الروح المعنوية للمواطن والدولة على حد سواء.

فلا دولة بلا استقرار، ولا استقرار بلا قانون، ولا قانون بلا مؤسسات تحميه وتطبّقه.

إن ممارسة الادعاء العام لصلاحياته لا تستهدف الرأي الحر، ولا تُقيد حق النقد، ولا تمس الحريات المكفولة دستوريًا، بل تضع حدًا فاصلًا بين حرية التعبير ، وحرية التحريض.

فالتحريض على إسقاط النظام السياسي ليس رأيًا، بل جريمة تهدد البنيان العام، وتفتح الباب واسعًا أمام الفوضى، وتضعف ثقة المواطن بمؤسسات دولته، وتستغل أوجاع الناس لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالإصلاح.

اليوم، يحتاج العراق إلى وحدة خطاب ووقفة واعية تُدرك أن الأمن السياسي جزء لا يتجزأ من الأمن المجتمعي، وأن معركة الحفاظ على الدولة لا تقل أهمية عن معارك الدفاع عنها. ولعل هذا الإجراء القضائي رسالة واضحة مفادها أن الدولة لن تترك مؤسساتها وأمنها رهينة محتوى مضلّل أو حملة تهدف إلى تشويه الوعي العام أو زعزعة الشرعية.

إن دعم هذا التوجه هو دعم للسلم الأهلي، ولحق المواطن في أن يعيش في دولة قادرة على حماية نفسها وحمايته، وعلى ضمان أن تكون المنابر الإعلامية فضاءً للنقد البنّاء لا سلاحًا للفتنة.

وفي يوم النصر الذي نستذكر فيه ملاحم الشجعان، نؤكد أن حماية الدولة اليوم لا تقل شرفًا عن الدفاع عنها بالأمس.

فالدولة القوية ليست تلك التي تملك السلاح فقط، بل تلك التي تملك القانون وتطبّقه.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
كلمات مفتاحية
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!