وتجاوزت أسعار الذهب مستويات تاريخية جديدة، مدعومة بضعف الدولار وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة، مع استمرار التوقعات بصعود إضافي في عام 2026.
ورأى عدد من المستثمرين المحليين في سوق الذهب أن الإقبال الحالي يتركز على الشراء بغرض الادخار طويل الأمد، في مقابل تراجع واضح في عمليات الشراء لأغراض الزينة، نتيجة ارتفاع الأسعار مقارنة بمستويات الدخل.
وأجمع خبراء اقتصاديون على أن الارتفاع الحالي في أسعار الذهب يعود بالدرجة الأساس إلى زيادة الطلب العالمي، مدفوعاً بعدة عوامل رئيسة، أبرزها ارتفاع مشتريات البنوك المركزية حول العالم من الذهب ضمن احتياطياتها، في إطار تنويع الأصول وتقليل الاعتماد على الدولار.
وأسهمت التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي في تعزيز توجه المستثمرين نحو الذهب بوصفه ملاذاً آمناً، فضلاً عن ضعف الدولار الأميركي في بعض الفترات، ما زاد من جاذبية المعدن الأصفر لحاملي العملات الأخرى. يضاف إلى ذلك تأثير تغير السياسات النقدية العالمية، ولا سيما توقعات خفض أسعار الفائدة، التي عززت الطلب على الذهب كأصل يحافظ على القيمة.
ورأى المحلل الاقتصادي، علاء الفهد، أن "العملة المحلية في العراق تشهد استقراراً ملحوظاً نتيجة استقرار سعر الصرف وانخفاض نسب التضخم، وهي نقطة إيجابية تُحسب للبنك المركزي في الحفاظ على قيمة الدينار والمستوى العام للأسعار"، مشيراً إلى أن "الارتفاعات الحالية في أسعار الذهب داخل العراق ترتبط أساساً بالتغيرات العالمية، أكثر من كونها ناتجة عن عوامل نقدية محلية".
بينما لفت الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، إلى أن الذهب يُعدُّ أصلاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، حيث يتجه المستثمرون إليه لحماية رؤوس أموالهم عند ارتفاع المخاطر أو تراجع الثقة بالأسواق المالية والعملات الورقية.
وأضاف فرج أن "تراكم احتياطيات الذهب من قبل البنوك المركزية عالمياً يُعدُّ من أهم العوامل الراهنة، إذ يضغط على توازن العرض والطلب ويدفع الأسعار نحو الارتفاع"، إلى جانب تأثير المضاربات وتداولات العقود الآجلة في الأسواق المالية.
وفي السياق، أشار الخبير الاقتصادي وليد الكعبي إلى أن العلاقة بين النفط والذهب غير مباشرة، موضحاً أن النفط يوفّر عملة أجنبية متمثلة بالدولار، وأن زيادة احتياطياته قد تنعكس على النشاط الاقتصادي عموماً، بما في ذلك سوق الذهب.
وأضاف الكعبي أن "ضعف السيولة في الأسواق المحلية يؤثر في القوة الشرائية للمواطنين، ما ينعكس على حركة الذهب، ويدفع بعض التجار إلى رفع الأسعار لتعويض انخفاض القيمة النقدية".
وبيّن الكعبي أن أسعار الذهب تبقى مرتبطة بشكل أساسي بالبورصات العالمية، مؤكداً أن أي ارتفاع محلي خارج هذا الإطار يرتبط بالقوة الشرائية داخل السوق. ورجّح أن تكون الأزمة مؤقتة في حال تحسّن مستوى السيولة وإطلاق مشاريع استثمارية أو أدوات تمويلية تسهم في تنشيط السوق.
وبينما تقود العوامل العالمية موجة ارتفاع أسعار الذهب، يظل السوق المحلي متأثرا بمستوى السيولة والقوة الشرائية، في ظل استقرار نقدي يُسجَّل لصالح السياسة النقدية. ويبقى مستقبل الأسعار مرهونا بتطورات الاقتصاد العالمي واتجاهات البنوك المركزية الكبرى.
التعليقات
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!