حجم النص
بقلم:سالم مشكور
ما يعانيه العراق يعود في جانبه الأكبر الى غياب الوعي أو ضعفه. فبالوعي تنمو المجتمعات، وبغيابه، تتراجع وتتدهور أوضاعها.
بوجود الوعي المشوّه، ينتخب الناس اللصوص والجهلة، ليبدأوا بعدها العويل والصراخ والشكوى منهم.
بالوعي الهابط، يتخذ الناس زعماء لهم من اللصوص وسراق المال العام ويدافعون عنهم حدّ الإستماتة.
بغياب الوعي يعارض الجمهور خطوة أو سياسة بنّاءة، ويؤيّد أخرى هدّامة لمجرد أن فيها مصلحة ذاتية لشخص أوجماعة.
وحيث أن الوعي هو مدى إدراك الإنسان للأشياء التي تحيط به والعلم بها، لذلك فإن تزويده بالمعلومات الخاطئة يؤدي الى خلق وعي مغلوط ينتهي الى نتائج مدمّرة للمجتمع أحياناً.
من يقوم بتشويه الوعي هم من يمدّون المتلقين بالمعلومات الخاطئة، وهذا ما يمكن أن يقوم به أكثر من طرف: السياسي ورجل الدين والاعلام، والدافع المشترك هو السيطرة على سلوك الناس وتصرفاتهم بما يخدم مصلحة هذا أو ذاك، دون تفكير بتأثيره السلبي على الجميع وعلى المدى الطويل، ودون إدراك بان مجتمعاً بلا وعي يشكل بيئة خصبة لكل أشكال الفساد والتخلف والإرهاب والارتزاق.
هكذا فان الطريق الأقصر الى تدمير أي مجتمع هو تدمير وعيه فيقوم هو بتدمير ذاته تلقائياً.
لا يمكن القاء اللوم على صاحب سياسة أو مشروع سياسي أو اقتصادي يستدعي ضرب الوعي المجتمعي لتنفيذه، ما دام أفراد المجتمع مستعدين لتأجير عقولهم للآخرين، ليفكروا بدلاً عنهم، ويعبثوا بسلوكهم وحياتهم كيف يشاؤون.
أساس تراجع الوعي عندنا يعود الى النظام التعليمي ومناهجه التي تعتمد التلقين وليس التفكير ، والى نظامنا الاسري الذي يقتل شخصية الطفل ويجعله متلقّياً لا متفاعلاً، والى بعض رجال الدين الذين يرون في بقاء الوعي منخفضا وسيلة للسيطرة على السلوك، والى بعض سياسيينا الذين يتعمدون نشر المعلومات المضلّله الفاقدة للأرقام والبراهين، والى الكثير من اعلامنا الذي يعمد الى الاثارة والتهريج بعيداً عن المسؤولية الاجتماعية للإعلام، فضلا عن الاعلام المسيّس منه.
لا ننسى أيضا، الفاعل الأكبر في عملية التضليل، أي العامل الخارجي الذي يريد أرضية من الجهل والتخلف تسهّل عملية تنفيذ برامجه.
خلاصة الامر: عانينا كثيراً من الويلات بسبب تراجع الوعي، وتخاصمنا وتحاربنا ودمّرنا أنفسنا، بسبب غياب الوعي، فهل ننتبه ونحفظ ما تبقى منّا ولنا؟.
أقرأ ايضاً
- الطلاق.. ظاهرة وأسباب - الجزء الأول
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول