- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
احذروا غضب السماء يا ولاة الأمر
تفرح جميع الشعوب بهطول الامطار على بلدانها ما دامت تعاني شحة المياه الا العراق حيث ان اعداد كبيرة من ابناء الشعب تبتهل الى الله تعالى ان لا تهطل الامطار لسببين رئيسيين اولهما طفح المجاري وتحول الطرق الى احواض للماء واوحال الطين التي تعطل الحياة كون كثير من الشوارع غير مبلطة أو تبليطها ردئ وقديم والسبب الثاني وهو الاهم بان سقوف بيوت الآلاف من العراقيين لا تمنع من تسرب مياه الأمطار على ساكنيها كونها من جذوع النخيل او الصفائح المعدنية فبدل أن يلجئ هؤلاء الفقراء إلى بيوتهم ليتجمعوا حول المدافئ في تلك الاجواء الممطرة والباردة يتحول الجميع الى عمال لرفع المياه التي تجمعت فوق وداخل الغرف وباستخدام كل ما متوفر في الدار من اواني وقدور، الرجال ان وجدوا فوق السقوف والنساء في الداخل لاخراج المياه من الغرف ، فبعد هطول الامطار الغزيرة يوم السبت الماضي اصر احد الاخوة على زيارة بعض مناطق الفقراء فتجولنا في بعض الأحياء قرب حي السلام وقرب حي الغدير في مدينة كربلاء المقدسة وكانت المناظر ماساوية ــ عوائل تفترش الحصير في هذا الجو القارص ولا يفصلها عن السماء سوى جدران من بلوك قديم تحتوي على كثير من الثقوب وأبواب من صفائح الحديد المثقب والقديم .
ــ عوائل لا تمتلك مدافئ وبعضها لا يمتلك النفط ليوقد تلك المدافئ .
ــ اما الثلاجة والمبردة والغسالة فان هذه العوائل لا تطمع بها حتى في الاحلام .
ــ طفلة تسقط في المدرسة وبعد التحري عن حالتها يتبين بأنها سقطت من الجوع لأنها طفلة يتيمة ليس لها معيل وتشهد بذلك مديرة المدرسة وزميلات الطالبة .
ــ أطفال بأعمار الورد لا يعرفون القراءة والكتابة كون الظروف أملت عليهم عدم الدخول في المدارس أو اضطروا إلى تركها فراحوا يجوبون الشوارع لبيع أكياس النايلون أو جمع علب المشروبات أو التسول في التقاطعات ... ولكم أن تتصوروا حجم الكارثة التي تنتظر العراق من الجيل الجديد الذي يقوم الشارع بتربيته بعيدًا عن المدارس والحياة الكريمة بأحضان الأبوين ، فضلا عن روحية الكراهية والانهزامية التي سيعيشها هؤلاء الأطفال كونهم حرموا من ابسط حقوق الطفولة لا لجرم ارتكبوه إلا كونهم أيتام ليس لهم معيل والأمر اشد عندما يفقد ذلك الطفل احد والديه أو كليهما بسبب تفجير أو عملية إرهابية .
عندما تسال هذه العوائل أين انتم عن الرعاية الاجتماعية وفتات حقوقكم واموال بلادكم يذكر بعضهم الذين حصلوا على هذه المكرمة بعد ان ذاقوا الامرين من المراجعة والتوسل بهذا وذاك ان المبلغ يتراوح بين ( 70000 ــ 120000 دينار عراقي شهريا وهو ما يعادل اجرة عمل ساعة واحدة أو ساعتين يتقاضاها ولاة الأمر في العراق ) وفي كثير من الاشهر لاتدفع لهم هذه المبالغ لأسباب وأعذار كثيرة.
قد يقول البعض بان هذا الكلام غير صحيح أو مبالغ فيه أقول يشهد على كلامي هذا كثير من السادة نواب البرلمان الذين خرجوا من الأحياء الشعبية التي تعج بتلك الحالات كما إنني استطيع تزويد أي جهة او فضائية بالصور والمعلومات التي تحكي وتثبت معانات هذه الطوائف التي ليس لها ذنب سوى انها عوائل فقيرة كما وانني ارى من الضروري على ولاة الامر في العراق لاداء الامانة تجاه رعيتهم ان يقوموا بما يلي :-
1. على المسؤولين السادة ( رئيس الوزراء والوزراء اصحاب العلاقة واعضاء مجلس النواب واعضاء مجالس المحافظات) الاطلاع بصورة شخصية بإرسال أشخاص يثقون بهم الى تلك المناطق المنتشرة في جميع محافظات العراق ( باستثناء شمال العراق كوني لا اعرف هل هذه الحالة موجودة هناك أم لا ) للاطلاع على أحوال تلك العوائل والتي لا تحتاج الى كثير جهد كونها منتشرة في مناطق كثيرة من العراق .
وكذلك يطلعوا بصورة رسمية على تلك المناطق عن طريق تشكيل لجان لزيارة تلك المناطق والوقوف على احوالهم ومعاناتهم .
2. اصدار قوانيين واقعية وتتلائم مع اسعار السوق العراقية لرعاية الارامل والايتام وكبار السن والمعاقيين والعاطليين عن العمل .
3. إخراج جميع الأيدي العاملة الاجنبية التي دخلت البلاد بعد 2003 وهم بالالاف والذين اخذوا فرص عمل كثيرة من ابناء هذا الشعب .
4. استحداث مؤسسة لرعاية الأرامل والأيتام على غرار مؤسسة الشهداء والسجناء ولا يخفى على احد بان أعداد هؤلاء هي مئات الآلاف .
5. تقليل رواتب كبار مسؤولي الدولة وتقليل مبالغ المنافع الاجتماعية والتي ازدادت بصورة كبيرة بعد استحداث مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء وتخصيص تلك المبالغ لرعاية هذه الطبقات المسحوقة .
6. معالجة موضوع السكن لجميع العراقيين وان يعيشوا بصورة كريمة في هذا البلد .
7. تفعيل الحصة التموينية والتي لا استغناء عنها عند الفقراء وتشكيل لجنة عليا باشراف اعلى الجهات المسؤولة في الدولة لضمان ايصالها كاملة وبمواصفات جيدة وفي مواعيدها المحددة ولتفعيلها وايصالها الى الفقراء بصورة حصرية ان تلغى الحصة التموينية عن شرائح التجار ومن يتقاضون الرواتب العالية وغيرهم .
يعز علينا والله أن يقال بان ذلك الزمن على ما فيه لم يقطع البطاقة التموينية عن الشعب وكان غذاء الفقير مرق الفاصولياء اوالعدس والتي الان لايستطيع الفقير تناولها .
كما وإنني أناشد جميع الفضائيات العراقية وخصوصا التي ترفع شعارات الإسلام علمًا لها وترتدي ثوبه ان تسلط الاضواء على تلك الشرائح المسحوقة وان تعطي لهذه البرامج المساحة الواسعة ضمن اوقات بثها .
وأخيرا أقول ليحذر ولاة الأمر في العراق من غضب السماء وليحذروا من دعاء المظلومين الذين لا ينقضي عليهم اليوم الابشق الانفس وليكن لهم العبرة والاعتبار بمن سبقوهم من الحكام وكيف كانت عاقبتهم وشتان بين عاقبة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام وبين عاقبة الحكام الذين عاشوا في قصورهم وحجبوا انفسهم عن رعيتهم وهم يتمتعون وياكلون اموال المسلمين ظلما وعدوانا واذكرهم بما ورد بالحديث القدسي الشريف الذي مضمونه ( بان الملك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم ) .
اللهم اهدنا ووفقنا لما فيه صلاح اخرتنا ودنيانا .
أقرأ ايضاً
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط