بقلم: علي حسين
في بيانات وخطب، حذر بعض النواب من خروج تظاهرات تطالب بتعديل سلم الرواتب، وأبدى البعض انزعاجه من الأنباء التي تتحدث عن اعتصامات للموظفين ووصف الأمر بأنه مؤامرة على العملية السياسية، وقبل هذه البيانات استنجدت بعض الفضائيات بـ"غوبلز العراق" عبد الكريم خلف ليعلن أن احتجاجات تشرين كانت تمولها دول إمبريالية، وأن الآلاف من الحوالات المالية سلمت للمتظاهرين. وبالتأكيد الذين سيتظاهرون للمطالبة بالعدالة الاجتماعية أيضا يتسلمون حوالات مالية سيكشفها لنا عبد الكريم خلف في الأيام المقبلة.
في خضمّ أخبار الموازنة، ثمة أفعال وأخبار تبدو مضحكة أحياناً؛ من هذه الأخبار، ما يقوله البعض إن الموظف الذي يريد أن يعتصم، ما هو إلا متآمر يريد عرقلة حركة التنمية وإيقاف عجلة المصانع الكبرى.. يالها من مؤامرة خسيسة، حين تتدخل الدول وتمنع مرور سيارات جمع النفايات في شوارع بغداد.. وتسببت الإمبريالية اللعينة بأن يسيطر صاحب المولدة على مقدرات فقراء العراق. هل هناك مؤامرة أكبر من هذه؟.. لا ياسادة فأن معظم الحكومات منذ 2005 ناضلت من أجل وضع العراق في مصاف الدول الصناعية والزراعية الكبرى، إلا أن الماسونية اللعينة تآمرت علينا.
يفقد البعض في لحظات النشوة الخطابية الصلة بالواقع، ونراه يحاول جاهداً أن يمنع الناس عن السمع والنظر.. إن أحاديث المؤامرة الكونية ضد العراق تؤكد بشكل واضح أن الذين سيخرجون للتظاهر من أجل إقرار قوانين تساوي بين جميع العراقيين متهمون بمعاداة الوطن، وهو حديث للأسف يفضح كل ما كان مخفياً من شعارات عن الديمقراطية وحق المواطن العراقي بالخدمات ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين. والغريب أن البعض، يريد أن يختطف القضية بعيداً عن جوهرها الحقيقي، ويعيد تسويقها للناس على أنها معركة بناء دولة ضد مخربين.
أية ديمقراطية هذه التي تخون الموظف المسكين الذي يطالب بحقوقه؟، أية ديمقراطية في التحذير من محاسبة سراق ثروات البلد؟، أية ديمقراطية في تصدير وهم أن المسؤولين الحاليين هم الأفضل وأن مناصرتهم واجبة؟ ومعارضتهم خيانة؟، أية ديمقراطية هذه التي يريد بها البعض أن يمارس من خلالها وصاية على عقول الشعب تجعل الخروج بتظاهرة تندد بالخراب والبؤس معناها تخريب البلاد ونشر الفوضى؟
أيها السادة في الوقت الذي كانت فيه بعض القوى السياسية تتعارك على المناصب، كانت أجيال جديدة تبحث عن بديل تستظل به للتخلص من ظلم الساسة، وسوء استخدام السلطة، بديل لديه حصانة ضد ثقافة التدجين واقتسام الغنائم التي أتقنها العديد من المسؤولين، ولا يحصر معارضته في خطابات أو مؤتمرات صحافية رنانة ليعود بعدها إلى الصمت، في هذا المناخ ستنبثق حتما حركة احتجاجية تطالب بإعادة ترتيب الوضع السياسي في العراق، تحت شعار واحد، عراق حر بلا فساد.