تنشغل الأوساط السياسية في العراق بمتغيرات متوقعة، وربما وشيكة، خلال الفترة الراهنة، فمن جهة تخوض القوى السياسية تنافسا محموما قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الثاني المقبل، ومن جهة أخرى عدم انتهاء الخلافات بين بغداد وأربيل حول الإيرادات والنفط وأزمة الرواتب.
وكشف السياسي، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، عن إرسال رئيس الوزراء، محمد السوداني، رسائل ومبعوثين لثني زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر عن قرار مقاطعته للانتخابات، مؤكدا أن أزمة رواتب موظفي كردستان ستحل الثلاثاء المقبل.
وقال الأعرجي في حوار متلفز، إن “هناك إرادة لدى بغداد وأربيل في حل الملفات العالقة”، مؤكدا أن “رئيس الوزراء محمد السوداني حريص جدا على التفاهم مع الاقليم، ولكن ليس على حساب المحافظات الأخرى”.
وأضاف، أن “بارزاني متفهم هذه الحالة، لأن الخلاف فني حكومي ليس أكثر”، موضحا أن “بارزاني دائما ما يقول أنه عند تشكيل الحكومات يأتي الجميع ويقدم العروض له، لكن بعد ذلك يختفون والوحيد الصادق معه كان السوداني”، على حد قوله.
وحول حديث السياسي، والوزير الأسبق، هوشيار زيباري، بأن حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، تتهرب من صرف مستحقات موظفي إقليم كردستان عبر الزج بالإقليم في تفاصيل فنية وجزئيات إجرائية، أجاب قائلا: “هذه وسيلة ضغط للحصول على المزيد من المكاسب”، مؤكدا أن “الأزمة ستحل وفق الدستور يوم الثلاثاء المقبل، مستبعدا في الوقت ذاته تلويحات الحزب الديمقراطي الكردستاني بالانسحاب من العملية السياسية، لأن الخلاف حكومي وليس حزبيا”.
وبخصوص مقاطعة الصدريين في الانتخابات، لفت إلى أن “السوداني حريص جدا على إشراك الصدريين بالعملية الانتخابية، حيث إنه أوصل رسائل ومبعوثين لإقناعهم بالعودة للعملية السياسية”.
وأضاف الأعرجي، أن “زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر عندما قرر مقاطعة الانتخابات فإن ذلك لحسابات وطنية يراها، لكن ما سمعناه هو أن الصدرين يريدون العودة للعملية السياسية، ولا نعلم هل هذه رغبة الصدر أيضا أم لا؟”، مشيرا إلى أن “هناك حسابات وطنية مستجدة كأن تكون انتهاء الحرب الإسرائيلية الايرانية أو أحداث داخلية معينة”.
وأكد أنه “لا أحد يستطيع منع الصدريين من دخول الانتخابات لامتلاكهم الشارع، حيث أن السوداني ناقش ذلك مع المفوضية العليا للانتخابات”.
وكان مجلس الوزراء قد ناقش أمس الأول الثلاثاء، مسودات الاتفاق بين الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كردستان، والتي نصت على تسليم الإقليم 236 ألف برميل من النفط يوميا لبغداد، وتحويل 200 مليار دينار من العائدات غير النفطية إلى الخزينة الاتحادية، فيما ظل ملف الرواتب عالقا، إذ لم يُحسم، وليس من الواضح ما إذا كانت الرواتب ستُصرف عبر منصة “حسابي” أو من خلال التوطين في المصارف الاتحادية.
كما وجه رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط، وعضوية وزراء الإعمار والإسكان، والتعليم العالي، والعدل، والصحة، لمناقشة الورقتين مع جميع الجهات المعنية في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، على أن تقدم اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء، ليتمّ اتخاذ القرار المناسب بشأنها، في أقرب وقت ممكن”.
يأتي ذلك بعد زيارة رئيس البرلمان، محمود المشهداني، في 6 تموز الجاري، إلى أربيل، في خطوة جديدة لتبديد غيوم التصعيد بين بغداد وأربيل حيث أجرى لقاءات عدة مع قادة الإقليم أكد خلالها على حسم الأزمة وفق الدستور.
وتواصلت المحادثات بين بغداد وأربيل على مدى الأيام الماضية، بشأن الرواتب والنفط والمنافذ الحدودية، وسط آمال مشوبة بالحذر في إمكانية التوصل إلى اتفاق تام، خصوصا أن التطورات الأمنية المتمثلة بحرب المسيرات وتحرك قطعات من الجيش العراقي إلى مناطق متاخمة لكردستان، بدأت تلقي بظلالها على العلاقة بين الطرفين.
وكان النائب عن تحالف الفتح، حسين الفتلاوي، كشف في 7 تموز الجاري، عن تكليف الإطار التنسيقي زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم بالذهاب إلى الحنانة في النجف لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالعدول عن قرار مقاطعته للإنتخابات.
وفي الأيام القليلة الماضية، أبدت قوى وشخصيات سياسية مواقفها بالمقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية، مستندة إلى جملة أسباب من بينها التشكيك باستقلالها أو عدم قدرتها على منافسة الأحزاب النافذة في البلاد.
وأبرز تلك المواقف، تمثلت بتجديد زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، موقفه الرافض للمشاركة في الانتخابات ومقاطعتها، حيث قال في تدوينة له: “مقاطعون.. من شاء فليقاطع.. ومن شاء فليتخذ لشهوة السلطة سبيلا”.
وفي موقف موازٍ، قرر ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، عدم المشاركة في الانتخابات، من دون “مقاطعتها”، داعيا إلى “إصلاح النظام الانتخابي” من أجل مشاركة أوسع لتمتين القاعدة السياسية.
ويشهد العراق حالة من الركود السياسي، وغياب التفاعل الشعبي بالانتخابات التشريعية المرتقبة في 11 تشرين الثاني المقبل، وما ستفرزه من كيانات سياسية جديدة أو قديمة، مع تصاعد رقعة الانسحابات السياسية التي بدأت بزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وعدم مشاركته فيها، ووصلت إلى ائتلاف النصر، بزعيمه حيدر العبادي، وبعض القوى المدنية .
ورأى عضو اللجنة القانونية النيابية، والنائب المستقل، محمد عنوز، في وقت سابق، أن “الانسحاب من المشاركة في الانتخابات، سواء عبر الأحزاب والكيانات والمنظمات وحتى الأفراد، يؤسس لفكرة أن الانتخابات أداة غير موثوقة لإجراء التغيير في البلاد، بالتالي فإن هذا الأمر يعزز قيمة عدم المشاركة في الانتخابات من المشاركة فيها”، مبينا أن “الأحزاب السياسية التي أمسكت بالسلطة وأساءت استخدامها مسؤولة عن تحويل انتخابات العراق إلى كرنفال مفضوح يحكمه المال ويتلاعب في نتائجه، لكن لا تزال أمامنا فرصة، خصوصا مع مشاركة بعض الأحزاب التي تحظى بشعبية جيدة بين أوساط المدنيين والطامحين إلى التغيير”.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!