ابحث في الموقع

من الاستقلال إلى الاصطفاف: ولاءات المستقلين تتعرى في موسم الانتخابات

من الاستقلال إلى الاصطفاف: ولاءات المستقلين تتعرى في موسم الانتخابات
من الاستقلال إلى الاصطفاف: ولاءات المستقلين تتعرى في موسم الانتخابات

مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية في العراق، المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، بدأت الأصوات السياسية والشعبية تتصاعد، وفيما حذرت من خطورة سيطرة المال السياسي على إرادة الناخبين، أبدت خشيتها من تحول العملية السياسية في البلاد، تدريجيا، إلى مزاد لبيع وشراء الأصوات والمرشحين والمناصب.

رئيس اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، كشف، كشف عن أن غالبية النواب الذين يزعمون الاستقلالية انخرطوا فعليا ضمن مشاريع الكتل السياسية الكبرى، متهما بعضهم بـ”بيع ذممهم” مقابل تحقيق مصالح شخصية.

يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي.

وقال عنوز في حديث صحافي، إن “الحديث عن وجود نواب مستقلين داخل البرلمان أصبح غير واقعي، فمعظمهم اصطفوا مع كتل سياسية بشكل مباشر أو غير مباشر”، مبينا أن “بعض النواب الذين رفعوا شعار الاستقلالية تم شراء ذممهم تحت مسميات مختلفة، مقابل تمرير صفقات وتشريعات تخدم مصالح تلك الكتل”.

وأضاف، أن “التجربة البرلمانية في السنوات الأخيرة أثبتت أن الاستقلالية في العمل النيابي مجرد غطاء مرحلي لبعض الشخصيات التي سرعان ما تنكشف انتماءاتها الحقيقية”، لافتا إلى أن “الكتل الكبيرة تفرض نفوذها السياسي والمالي حتى على من يدّعي الحياد، الأمر الذي أفقد البرلمان تنوعه الحقيقي وأضعف صوته الرقابي”.

وتشهد الساحة السياسية العراقية انتقادات متكررة للنواب المستقلين، بسبب مواقفهم المتذبذبة، وتخليهم عن دورهم المفترض، كمعارضة وطنية.

يأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد الحديث حول تعديل قانون الانتخابات، في ظل تراجع مقاعد الكتل والأحزاب التي ستخوض الانتخابات إلى النصف، بسبب ضعف أداء الدورة البرلمانية الحالية، سواء من ناحية التشريعات أو الرقابة من جهة ومن جهة أخرى من ناحية ضيق الوقت المتبقي.

في الأيام القليلة الماضية، أبدت عدد من القوى والشخصيات السياسية العراقية، مواقفها بمقاطعة أو عدم المشاركة في الانتخابات النيابية، مستندة إلى جمّلة من الأسباب من بينها التشكيك باستقلالها أو عدم قدرتها على منافسة الأحزاب النافذة في البلاد.

أبرز تلك المواقف تمثلت بتجديد زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، موقفه الرافض للمشاركة في الانتخابات ومقاطعتها، حيث قال في تدوينة له: “مقاطعون.. من شاء فليقاطع.. ومن شاء فليتخذ لشهوة السلطة سبيلا”.

وفي موقف موازٍ، قرر ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، عدم المشاركة في الانتخابات، من دون “مقاطعتها”، داعياً إلى “إصلاح النظام الانتخابي” من أجل مشاركة أوسع لتمتين القاعدة السياسية.

ورحب الائتلاف، في بيان، بـ”مشاركة أوسع للقوى السياسية بانتخابات حرة ونزيهة في مجلس النواب 2025، لتعزيز شرعية النظام وصدق التمثيل السياسي لفئات الشعب، مع إعطاء المصداقية من خلال إصلاح النظام الانتخابي”.

وأكد أن “قوة الدولة من قوة نظامها السياسي، وقوة النظام السياسي بتعبيره الصادق عن إرادة المواطنين من خلال القوى التي تمثلهم، وأي نظام يعيش المقاطعة فسيكون مهدداً بوجوده ووظائفه”، لافتاً إلى أن “التحديات التي تواجه الدولة وبالذات في هذه اللحظة التاريخية توجب توسيع القاعدة السياسية للنظام، وإشراك الجميع مع ضرورة صيانة العملية الانتخابية من الفاسدين والمتلاعبين”.

ورأى ائتلاف “النصر، أن “من أهم عوامل كسب التحديات وتجاوز الانهيارات لأي دولة يتمثل بالوحدة الداخلية السياسية والمجتمعية، وفق ضرورات حفظ مصالح الشعب وكيان الدولة”، منبها إلى أن “وطنية القوى السياسية تتجلى بتجاوزها لمصالحها الخاصة لصالح مصالح الشعب والدولة، وتتجلى قوة النظام بمرونة المؤسسات لاستيعاب التحديات وامتصاص الأزمات بواقعية وحكمة، وهو ما تحتاجه دولتنا اليوم”.

واعتبر أن “عدم الترشح بناء على رؤية إصلاحية وطنية تختلف جذريا عن عدم تمكين الآخرين من المشاركة في الانتخابات لأسباب مصلحية”.

ولم تقتصر المخاوف التي قد تسهم في الإطاحة بشرعية الانتخابات النيابية، على القوى والشخصيات السياسية، بل تعدت ذلك لتشمل رجال دين، إذ أفتى خطيب وإمام جامع أبي حنيفة عبد الوهاب السامرائي، بحرمة بيع بطاقة الناخب، داعيا السلطات الأمنية إلى مكافحة ظاهرة برزت مؤخرا في العاصمة بغداد والمتمثلة برهن تلك البطاقات مقابل أموال.

وترتفع أسعار بطاقات الناخب الالكترونية تدريجيا في “بورصة” شراء الأصوات في العراق كلما اقترب موعد الانتخابات، حتى وصل سعر الواحدة إلى 400 دولار، بحسب مواطنين.

وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 4 حزيران الماضي، أنه لا قيمة لبطاقة الناخب دون صاحبها و أصابعه العشرة.

وتشير معظم المؤشرات التي يطرحها مراقبون إلى تراجع المشاركة في الانتخابات، بسبب حالة الاستياء الشعبية والإحساس بصعوبة التغيير في النظام السياسي، لا سيما أن الأحزاب تتمسك بمبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية في إدارة الدولة.

وكان رئيس تحالف الحسم في بغداد، النائب السابق ليث الدليمي، أكد في 28 آيار الماضي، أن الدعايات الانتخابية بدأت مبكرا، وشراء الذمم بالمال السياسي و(التاهوات) سيساعد في المشاركة، لكن من يبيع ذمته عليه البقاء بمنزله لأنه سيعيد الفاسدين لمراكز الحكم”.

وتُقدر بعض الأوساط السياسية والرقابية حجم الصرف في الانتخابات البرلمانية القادمة، بمبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 3 تريليون دينار عراقي، وهو رقم صادم يعادل نحو 2 مليار دولار أمريكي، ويثير عشرات الأسئلة حول العدالة الانتخابية، ومشروعية المال المستخدم، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة.

وحجزت الزعامات السياسية التقليدية في العراق، خلال الأسابيع الماضية تسلسل رقم واحد عن محافظة بغداد، للمشاركة في الانتخابات التشريعة المقبلة، وهم رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، ورئيس تيار الفراتين، محمد شياع السوداني، ورئيس منظمة بدر، هادي العامري، ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، ورئيس ائتلاف الأساس الوطني، محسن المندلاوي، وشخصيات أخرى، مما ينذر بحرب انتخابية شرسة ستدور خلال الانتخابات المقبلة.

وتعد الانتخابات العراقية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي، الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!