بقلم: سهام يوسف
بينما تشتد أزمة المياه في العراق بسبب السدود التركية، نرى أصواتاً عراقية تنادي بمنع الشركات التركية من العمل في العراق واصواتا اخرى تنادي بمقاطعة المنتجات التركية كوسيلة للضغط على أنقرة ونائب يطالب بضرب السدود بالمسيرات. هذه الدعوات، رغم ما تحمله من مشاعر وطنية مشروعة، تثير تساؤلات عميقة حول جدواها واستراتيجيتها في مواجهة اقتصاد بحجم وتنوع الاقتصاد التركي.
الاقتصاد التركي ليس اقتصاداً هشاً يمكن اختراقه بمقاطعة منفردة، فهو هو أحد أكبر الاقتصادات في المنطقة:
تبلغ صادرات تركيا إلى العراق حوالي 12 مليار دولار، فإن هذا المبلغ يشكل أقل من 5% من إجمالي صادراتها البالغة 237 مليار دولار.
الأهم من ذلك، أن الاقتصاد التركي يحقق نمواً متوازناً، يعتمد على قوة الطلب المحلي (2.1 %) وصافي المعاملات الخارجية (1.1 %) يعني اجمالي النمو 3.2%، الإيرادات تصل إلى 1.26 تريليون دولار، هذه الأرقام تُظهر أن الاقتصاد التركي قوي ومتنوع، مما يحد من تأثير أي مقاطعة محدودة دون تأثير جوهري.
العراق يحتاج إلى استراتيجية أذكى تعتمد على التفاوض الطويل الأمد، وليس المواجهة الاقتصادية المباشرة، مقاطعة الواردات التركية قد تكون ورقة ضغط مغرية، لكنها ليست الحل الجذري، أزمة المياه تتطلب تعاملاً عقلانياً يستند إلى فهم موازين القوى الاقتصادية والإقليمية، ويضع مصلحة العراق الوطنية فوق أي اعتبارات أخرى، تعامل يعتمد على القوة التفاوضية، والدبلوماسية النشطة.
فهل نرى تحركًا عراقيًا جادًا في هذا الاتجاه؟ أم ستستمر زيارات المجاملة المكوكية والطلب بـ"إطلاق كميات أكبر من المياه" كحل وحيد؟
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!