RSS
2025-12-30 13:58:44

ابحث في الموقع

مصنع الأزمات

مصنع الأزمات
بقلم: علاء كولي

بلا أدنى شك، اذا تحدثنا عن أي أزمة تحصل في البلد، فإننا حين نريد تفكيكها وتحليلها مثل كل المواضيع التي نجد أنفسنا خبراء فيها، فنخرج بمحصلة لها متاهات طويلة وعريضة، ليس فيها أي شيء واضح، كل ما هنالك أن الامور تزداد تعقيدا وضبابية، لأنها بكل الاحتمالات أزمة قائمة بلا حلول ولا جدوى.

قبل أيام حصلت أزمة وقود في محافظة ذي قار ويمكن أزمة مماثلة في البصرة، وهي عادة ما تتكرر بين آونة وأخرى، ما الذي حصل؟ لا أحد يعرف، هكذا بلا مقدمات وببساطة نفذ الوقود من المحطات بسبب مشاكل كثيرة لها علاقة بإدارة هذا الملف، وبالتأكيد حصل النقاش المتشعب بين الناس حول مشكلة الوقود والقاء اللوم الدائم على الحكومة، مع قائمة طويلة من الشتائم.

ولدى الحديث عن أزمة الوقود، أكتشفنا أن لدينا أزمة أخرى تواجهنا لو كانت أزمة الوقود تستمر لأسابيع طويلة، وهي ان العراق ليس لديه بدائل بشأن وسائل النقل، وبالرغم من أنه من أوائل البلدان في المواصلات واستعمال القطار، لكنه اليوم مع تزايد أعداد المركبات، فقدنا المواصلات العامة التي أزدهرت بشكل واضح في الستينيات والسبعينيات.

وتعقيبا على أزمة المواصلات العامة، لدينا أزمة أخرى، وهي دخول هائل للسيارات في العراق، وبحسب وزارة التخطيط العام الجاري، فأن أكثر من 8 ملايين سيارة في العراق، وهذا وحده كافيا ليشكل لدينا أزمة بيئية وتلوث بيئي، إضافة لحجم الضوضاء التي تحصل، مع أزمة الضوضاء والتلوث الذي تسببه المولدات الاهلية، مع أزمة الطرق العامة في أغلب المدن وغياب جودتها، إضافة لغياب الثقافة المرورية لدى السائقين وحصول حوادث مرورية مرعبة والتي تحولت الى أزمة.

وفي خضم الأزمات أعلاه، نواجه أزمة ثقة بين الجهات المسؤولة وبين المواطنين الذين يتطلعون الى وجود خدمات محترمة، وازاء كل ذلك، تحرص وزارة النقل على اكمال مشروع طريق الحرير الذي نسمع به كثيرا ولم نراه على ارض الواقع بشكل حقيقي، ولا نعرف هل يحل طريق الحرير أزمة السيارات وأزمة السير وازمة الطرق؟

لكن ثمة أزمات ومعوقات أخرى لو فكرنا قليلا بملف النقل العام، سنجد أن هناك أزمة أخرى لو وضعنا حلول للنقل العام وقللنا المركبات في الشوارع، سنواجه أزمة كبيرة تتعلق بالعقد النفسية والأمراض المستعصية التي تصيب السيد المدير العام وسكرتير المدير واقرباء المدير العام وبقية المسؤولين، كيف يمكن اقناع هولاء بترك التاهو والكاديلاك والمايباخ وباقي السيارات الفارهة والانتقال للنقل العام؟ كيف يتم إقناع حمايات السيد النائب او الوزير او العضو بترك رتل المصفحات والسيارات الكثيرة والصعود في المواصلات أو أي وسيلة نقل عام لو توفرت؟

لدينا أزمة أخرى في حال كان هناك نقل عام، حيث ستنقطع أرزاق شريحة كاملة من السائقين والكسبة الذين يعملون في التاكسي وهولاء يحتاجون الى جهات تنظم عملهم، لكن ستواجهنا في ذات الوقت أزمة أخرى، هو أن أعداد كبيرة من الموظفين يزاحمون سواق التكسي على العمل، علينا أن نجد حل لهذه الأزمة ومنع الموظفين من العمل في هذه المهنة.

لكن ستكون لدينا أزمة معقدة حاضرة، وهي أن فئة الموظفين هولاء ممن يعملون في مهنة السياقة، هم بالاساس رواتبهم متدنية في ظل وضع معيشي مرهق ومنهك، وحتى تجد حلول لمنعهم من العمل، يجب ان تكون هناك قوانين تزيد من رواتبهم وبالتالي نحتاج الى جهد وطني لاقناعهم عن العدول، لأنهم لو لم يعملون في جوانب أخرى، لأصبحوا كلهم لصوص ومرتشين.

وفي حال نجحنا في تأسيس إدارة للنقل العام، ولدينا أسطول من المركبات العمومية، من يضمن أنه لن يحصل فساد، أي جهة يمكنها أن تلتزم الأمر، اذا كانت وزارة النقل غير قادرة على الإدارة، المؤسسات الخدمية كلها لديها سيرة ذاتية كارثية في مؤسسات النزاهة والقضاء وهناك أتلال مكدسة من الملفات العالقة والمشاريع والرشاوي والمشاكل والنصب والاحتيال.

كل هذه الأزمات ظهرت بمجرد أننا فكرنا في حلول لمواجهة قصة أزمات الوقود المتتالية، الوقود الذي لا ننتجه بل نأتي بالمواد الخام من الخليج، وبالتالي هذه هي بحد ذاتها أزمة، لأن هناك أطراف لا تريد أن تنتج وقود المركبات في العراق، لأن قصة الإستيراد مربحة لهم، والصناعة المحلية خسارة شخصية لجيوبهم، وبالتالي نجد أنفسنا في أزمة.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
كلمات مفتاحية
التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!