RSS
2025-12-31 11:30:37

ابحث في الموقع

هو الجواد

هو الجواد
بقلم:جعفر البازي

 اسم له دلالة العطاء ، بل دلالة لكل ما هو خير فالجود قد يشمل كل عطاء ، فعطاء المال من الجود وعطاء الاخلاق من الجود والسماحة من الجود وتبقى التضحية بالنفس من اصدق مظاهر الجود عند الانسان ، وهذه وغيرها من الاخلاق كانت عاملا مشتركا عند كل اهل البيت عليهم السلام ، إذا لماذا اطلق هذا اللقب على الامام التاسع من ال البيت بالذات ؟ 

وقبل ان نجيب على هذا السؤال ، نقول : هل كانت اسماء والقاب اهل البيت عليهم السلام هي وليدة انتخاب بشري أم انها انتخاب الهي صرف ؟  حتى وإن جاءت على لسان اعدائهم ؟ ومما لا شك فيه فإن من اوضح عقائدنا ، ايماننا المطلق بان كل ما يخص اهل البيت سلام الله عليهم إنما هو انتخاب من الله تعالى ودلالة على امر اراد الله له أن يصل الينا ، وعليه فأن لقب الجواد له دلالات قد ارادتها المشيئة الإلهية المقدسة ، ولو عدنا الى قول الامام الرضا عليه السلام بحق ولده الجواد ... والذي يقول فيه (هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم على شيعتنا بركة منه) نجد اننا امام انطلاقة جديدة علينا بمفهوم العطاء والجود ، ألا وهي البركة ، فلولا ولادة هذا الامام لانقطعت هذه البركة فهو بولادته الشريفة قد نشر هذه البركة على كل الدنيا ... ولكن كيف ؟ 

إن المتتبع لحياة الامام الرضا يعلم أنه سلام الله عليه لم يكن له عقب ذكر وقد شارف على الاربعين من عمره الشريف حتى بدأ كثير من شيعة اهل البيت يساورهم الشك ناهيك عن اعدائهم الذين يتحينون الفرصة للطعن في مسالة الامامة وسلسلتها الشريفة ، ولتدخل عقائد الشيعة والخلص من اتباعهم الامتحان و المحك الالهي ، ليهلك من هلك عن بينة وينجو من نجى عن بينة ، وهنا جاءت ولادة الامام الجواد هذه الولادة المباركة التي فتحت ابواب رحمة الله على شيعة ال البيت ولتقطع دابر المشككين من اعدائهم ، ولتكون بداية لمرحلة مهمة من مراحل سنن الامامة ، الا وهي مرحلة تهيئ الارضية المناسبة لفكرة مهمة جديدة على الحياة العملية للشيعة فكرة موجودة ويؤمنون بها لكنهم لم يمارسونها من قبل ونقصد بها فكرة أن الامام قد يتولى مهامه الالهية وهو في سن صغير جدا فهذه الفكرة وإن كانت من اصل عقائد الامامية إلا انها لم تنزل الى واقع التطبيق العملي بعد ، نحن نعلم ان الامام الثاني عشر والاخير تولى الامامة وهو في عمر صغير جدا ، فلو لم تكن هناك سابقة في سيرة اهل البيت والمتمثلة بشخصية الامام الجواد عليه السلام وكيف انه استلم الخلافة بعد ابيه ومارس دوره القيادي كإمام للخلق وهو في سن مبكر جدا لكانت هذه الفكرة فكرة جديدة صعبة التصديق خصوصا وأن هذا الامام سيضطر للغيبة عن اعين شيعته بوقت مبكر جدا ، لذا فقد كانت امامة الجواد هي الممهد الرئيسي لهذه المرحلة الكبيرة والتي بنيت عليها مرحلة مهمة من مراحل الامامة الالهية التي شاء الله أن تكون بهذه الطريقة التي تستوحشها طبيعة الفكر البشري ، وهنا تتجلى بركة هذه الولادة الميمونة والجود الذي يحمله هذا المولود المبارك فكان فعلا جوادا في كل شيء بوجوده و عطائه وإمامته التي ابتدأت في سن مبكرة جدا لم يسبقها أحد من ابائه واجداده سلام الله عليهم اجمعين .  

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!