- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سلطة المشرع في إصدار النص القانوني المقضي بعدم دستوريته مجدداً
بقلم: القاضي أريج خليل
إن الأحكام الصادرة من المحاكم الدستورية بعدم دستورية نص قانوني تحوز الحجية المطلقة في جميع الأنظمة التي تأخذ بالرقابة على دستورية القوانين وخاصة في مصر وفرنسا ووفقا للدستور العراقي ايضا واستنادا لأحكام المادة ٩٤ من دستور جمهورية العراق النافذ، إلا انه قد تتغيّر الظروف القانونية او الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالشكل الذي يجعل النص الذي قضي بعدم دستوريته نصا مهما وموافقا للدستور بسبب تغير ظروف اصداره، حيث أن الجهة التي تراقب الدستورية تبين لها أن النص مخالف للدستور وقضت بعدم دستوريته بناء على مخالفته لنص دستوري فأصدرت الحكم الدستوري بعدم دستورية قانون معين او نص قانوني معين وأصبح قرار المحكمة الاتحادية العليا نافذا وبذلك أعدمت المحكمة الاتحادية النص القانوني المحكوم بعدم دستوريته وأخرجته من التنظيم القانوني للدولة.
والسؤال هنا ماذا لو تغيرت الظروف القانونية التي استندت إليها المحكمة الاتحادية العليا في حكمها بعدم الدستورية لاسيما وان الحكم الدستوري بمجرد صدوره يكون له حجية مطلقة وتلتزم كافة السلطات به وان تغيير الظروف القانونية لا يعني عودة النص المقضي بعدم دستوريته للحياة القانونية مرة أخرى لانه خرج من التنظيم القانوني بمجرد الحكم بعدم دستوريته، وليس للسلطة التشريعية اصدار قانون جديد يتضمن نصا مماثلا للنص المحكوم بعدم دستوريته لان قرار المحكمة الاتحادية ملزم لكافة السلطات ومنها السلطة التشريعية. ولا يمكن لهذه السلطة اصدار القانون الذي قضي بعدم دستوريته مرة اخرى لانها ستخالف حجية الحكم الصادر بعدم الدستورية لا سيما وان اصدار تشريع يعطل نفاذ حكم دستوري يشكل اعتداء على الشرعية القضائية والدستورية.
وقد يحدث ان تصدر السلطة التشريعية ذات القانون المحكوم بعدم دستوريته ويعود ليصبح ضمن البنيان القانوني للدولة، لاسيما وان الرقابة على دستورية القوانين في العراق هي رقابة دستورية لاحقة، وفي هذه الحالة لا يكون هناك طريق سوى أن تحكم المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية النص القانوني مجددا اذا طرح أمامها بشأنه نزاع جديد ولذات الاسباب التي استندت اليها في حكمها الاول، وماذا لو تم تغيير الظروف القانونية وصدر تعديل جديد للدستور بحيث يكون النص القانوني الذي حكم بعدم دستوريته متفقا مع التعديل الجديد، في هذه الحالة فعلى السلطة التشريعية ان تراعي هذه الظروف وقت تشريع النص وان تقوم بإصدار التشريعات التي تتفق مع القواعد القانونية العليا في البلد اي النصوص الدستورية واذا ما تعدل الدستور فيجب على السلطة التشريعية ان تقوم بتعديل النصوص القانونية بما يتوافق مع التعديلات الدستورية، وأن إعادة طرح النزاع مجددا أمام القضاء الدستوري بشأن النص القانوني الذي أصبح موافقا للدستور في ظل التعديل الجديد ليس من شأنه ان يمس في حجية الحكم السابق الا ان ذلك يعتبر تغييرا في الظروف القانونية يمكن السلطة التشريعية من اصدار القانون المحكوم بعدم دستوريته مجددا والذي أصبح موافقا للنصوص الدستورية الجديدة وان تغيير هذه الظروف وصدور تعديل للدستور سيمكن المحكمة الاتحادية العليا من الحكم بدستورية النص القانوني الذي سبق وأن حكمت بعدم دستوريته كونه قد أصبح موافقا للدستور في ظل التغيير الدستوري الجديد.
أقرأ ايضاً
- الأطر القانونية لحماية البيئة من التلوث في التشريع العراقي
- الاستزراع القانوني في ظل التعددية القانونية
- الجواز القانوني للتدريس الخصوصي