بقلم: علي حسين
أول كلمة نطقها العراقيون بعد سقوط تمثال صدام في ساحة الفردوس كانت "حرية"، واليوم ونحن ندخل العام العشرين من التغيير الذي قادته الولايات المتحدة، نجد كلمات القانون والحرية والعدالة الاجتماعية مطاردة في كل مدن العراق في تعبير حقيقي لما جرى والذي يمكن تلخيصه بكلمة واحدة "الخديعة" وأن الناس استبدلت نظام صدام بنظام آخر بنفس فايروسات الانتهازية وشهوة السلطة.
سقط تمثال صدام في "9 نيسان" فأنشأت أحزاب الطوائف تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سُجلت بأسمائهم.. لا مفاجأة على الإطلاق في أن يشعر العراقيون بأنهم خُدعوا، سقط تمثال الدكتاتور لكن نظامه وعقليته ما تزال في مكانها، فسلوكيات العديد من سياسيينا ومسؤولينا ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات والمخبرين السرييين.
ونحن ندخل العام العشرين ندرك جيداً أن ما جرى ويجري خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغيير وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيراً بعد سقوط تمثال صدام فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام.
ولعل السؤال الذي يجب علينا طرحه ونحن نستذكر ما جرى منذ 2003 هو؛ ما معنى كل التضحيات التي قدمت في الخلاص من نظام دكتاتوري لنجد أنفسنا في النهاية أمام دكتاتوريات متخفية باسم الطائفة والمذهب تمارس أبشع أنواع الترهيب والتخوين لكل من يختلف معها في الرأي؟، ما معنى أن يجد العراقي نفسه أمام وسائل ترهيب جديدة؟.
بعد عشرين عاماً يخرج علينا الحاكم المدني بول بريمر ليذكرنا بأن العراقيين يعيشون أزهى عصورهم، وأن الانتخابات التي تجري كل أربعة أعوام نزيهة. ولم يخبرنا سيادته بأن العراقيين خرجوا يبحثون عن الحرية والإخاء والمساواة.. عن بلاد ظلت تعيش في خواطرهم وأحلامهم فإذا هم بعد عشرين عاماً يستيقظون على بلاد تحكمها ثقافة الجهل والفقر، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل مزيّف ومزوّر ومنافق وانتهازي.
لم يخبرنا السيد بريمر في حواره مع صحيفة الشرق الاوسط أنه كان يجهز المسرح لعصر حقيقي لمافيات السرقة والطائفية، يقوده ساسة حولوا البلاد إلى مزرعة خاصة تذهب خيراتها إلى الاصحاب والاقارب، بعد عشرين عاماً نتساءل؛ ما قيمة التغيير والحرية والديمقراطية، إذا لم يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا البلد؟، وأن حقهم فيه كامل وغير منقوص؟.
اليوم ندرك جميعاً أن مشكلتنا الحقيقية مع سياسيي الحواسم الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاءوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات هدفها الاستحواذ على كل شيء.
أقرأ ايضاً
- سلطة المشرع في إصدار النص القانوني المقضي بعدم دستوريته مجدداً
- ما بعد الأربعين ..
- لاتشتموني بعد سرقة "المالات" !